الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
لاشك أن قلة إنتاج الموظف الحكومي، وتسيُّبه، وغيابه، وكسولته… ظواهر ألقت بظلالها على المجتمع حتى وصمنا بثالث أكسل شعوب الأرض! وأكثر الشعوب استهلاكا لعشرات المنتجات! إضافة إلى عزوف بعض من رؤوس الأموال عن الاستثمار الداخلي ، حيث يقدر أحد المختصين أن سوقنا المحلي يفقد سنويا ما بين 1 إلى 1.5 مليار ريال.
وتشيرهيئة الرقابة والتحقيق إلى أن متوسط ساعات عمل الموظف ثلاث ساعات يوميا، وأن(70%) من الموظفين في القطاع الحكومي “متسيبون” في العمل، كما أكد تقرير آخر بأن (94%) من الموظفين في القطاع نفسه يتغيبون عن أعمالهم بشكل مستمر، وفي دراسة آخرى لمعهد الإدارة العامة أوضحت أن 54% يتهربون عن العمل، و68% يخرجون من العمل مابين ساعة إلى 3 ساعات يوميا.
والمسببات كثيرة، ومتداخلة، فمنها ما يخص الموظف نفسه من ضعف الوازع الديني، وغياب الطموح، ورؤية الوظيفة من جانب الراتب الشهري فقط، والسلوكيات الخاطئة في الحياة، وغياب ثقافة إدارة الوقت، والملل، وضعف إحساسه بمسؤوليته تجاه مجتمعه، ووطنه، وأمته.
ومن الأسباب أيضا ما يتعلق ببيئة العمل من ضعف الأجور فيها، وافتقارها للمحفزات، وعدم تكافوء الفرص في الترقيات، والدورت، والانتدابات، والروتين، والانفصال التام بين الراتب، والاتناجية، والضعف الإداري، وغياب التدريب، والتطوير، والنمطية التقليدية في الرقابة، والمحاسبة، والاكتفاء بحضور الموظف لمقر العمل “نظرية الموظف المسمار” مع إغفال تام لمعايير الانتاج، والإتقان، والجودة.
وعلينا بعد استقرائنا السابق، ونقدنا الرجعي، أن نبدأ في ربط الحلول بالمسببات لردم هذه الهوة السحيقة وهذه هي المنهجية التقليدية، والمنطقية المتبعة فيما بين المقدمات، والنهايات للبحث عن حلول ناجعة.
وإن كنت أرى قلب القضية، والمؤثر الحقيقي في نمو هذه الظاهرة، وتفاقمها هو أن الراتب الضعيف للموظف المحبط لم يعد قادرا على توفير حياة كريمة له، ولأسرته لاسيَّما مع تفاقم التضخم، والجشع، وترهل بعض الخدمات الحكومية المجانية كالصحة، والتعليم؛ مما زاد في الحمل، وأثقل على النفس.
والحل: ليس بزيادة مباشرة في الراتب بل بالتأمين الطبي، وهو ما يرفع الحرج عن وزارة الصحة المثقلة، وينمي المفيد، والمستفيد، والوسيط، وبالتالي اقتصاد البلد، وكذلك فرض بدل سكن مناسب إلى حين يأتيه دور البناء من وزارة الاسكان، مع بعض الإجراءات المالية، والرقابية لكبح جماح التضخم؛ وهو ما سيرفع العائد بنسبة مرضية، وعادلة للموظف، ولاقتصاد الوطن، وبعد فتح هذا الباب الكبير يمكننا بكل يسر، وسهولة أن نلج كل الأبواب الأخرى، ونحرر هذا الموظف من قيوده؛ لينطلق في استثمار طاقاته المكنونة، وقدراته المخبوءة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال