الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
بدأت التظاهرة الاقتصادية، منتدى الرياض في دورته السادسة. حضر الضيوف من كل أنحاء المملكة. استجابوا للدعوات المتكررة من فريق الإعداد للمؤتمر عن طريق البريد الإلكتروني والرسائل النصية. رجال الأعمال وأساتذة الجامعات وأعضاء السلك الدبلوماسي وموظفو الدولة وطلبة الجامعات. الكل جاء على أمل أن يستفيد من هذا التجمع الاقتصادي المهم.
صاحب الافتتاح معرض نفذته مجموعة من الشركات الراعية للمنتدى. ليكون برنامج اليوم الأول حافلاً بالحركة والفعاليات الجاذبة. كلمات الافتتاح أكدت أهمية المنتدى وحرص خادم الحرمين الشريفين على الاطلاع على نتائجه ومبادراته التي يعمل عليها متخصصون منذ نهاية المنتدى السابق قبل عامين.
كانت أولى جلسات المؤتمر موجهة نحو الداء الذي يشكو منه، ويشارك فيه الجميع. الفساد الذي كان يوم أمس هو يوم مكافحته عالمياً. حظيت الدراسة التي قدمت عن الفساد بحضور جماهيري كبير. تفاعل الجمهور مع المعلومات التي وردت، وأفادوا منها على الرغم من ملاحظات البعض على طريقة البحث أو إجراءات الدراسة أو ترتيب مبادراتها.
لكن نجومية الدراسة كانت للدكتور عبد الله صادق دحلان الذي شارك على الرغم من تأثره بعارض صحي ووصوله من السفر يوم إقامة المؤتمر وعدم علمه بمشاركته إلا في وقت متأخر. نصحته نفسه وزوجه بالاعتذار لكنه لم يفعل، كان هذا من حسن حظ المنتدى وكل من حضر.
شارك الدكتور عبد الله في محاورة الدراسة بتقديم اعتذار رجال الأعمال عن مشاركتهم في الرشوة، ولكنه أكد أنهم شاركوا مضطرين لأن أعمالهم ستتوقف إن لم يفعلوا.
ساهمت الفتوى بجواز الرشوة إذا كانت الوسيلة الوحيدة للحصول على الحقوق في انتشار الرشوة وتساهل كثيرون بخطرها الأخلاقي والديني والاقتصادي .
تكلم الدكتور عن أن فساد الرأس سيؤدي إلى فساد جسد السمكة وهو أول درس تعلمه في جدة. وهو ما عقبت عليه إحدى المشاركات بمثل نسائي يقول ”إن تنظيف الدَّرَج يبدأ من الأعلى”. ذكر أيضاً حادثة دلت على أن الناس لا ينصحون لولي الأمر عندما كان مع مجموعة شكا كل منهم الوزارات والمصالح الحكومية واشتكوا من سوء أدائها، وعندما قابلوا خادم الحرمين الشريفين بدأ كل منهم يمدح الأداء وينسى كل ما قاله في السابق.
مشاركة البطانة في تكريس الفساد لا بد أنه يمر من خلال أمثلة كهذه. ذكر الدكتور أمثلة أخرى لمعاناة من يحاولون أن يعيشوا بسلام في مجتمع يشله الفساد. كما ذكر قصة أول مساهمة له في الرشوة أثناء الدراسة، وهو أمر أدى لنتائج وخيمة جعلته يحرِّم على نفسه فعل ذلك مستقبلاً.
هذه المداخلة استحقت مني أن أذكرها وأسهب في تسجيل مكوناتها، كما تستحق من إدارة المنتدى أن تضيفها للدراسة كتوضيح للمسببات الحقيقية للفساد المالي والإداري من وجهة نظر رجل أعمال كبير.
إن الدراسة ذكرت إحصائيات مزعجة ومهمة في مجال مسببات الفساد والقناعة المجتمعية بوجوده والإحساس الجارف بأن هناك ضرورة لاجتثاثه بسرعة حتى لا يستفحل في تدمير الاقتصاد والأخلاقيات والوطن بشكل عام.
كان حفل الافتتاح بمجموع أنشطته حالة من الازدحام، وكثر فيه الإزعاج والهمهمة والمناقشات الجانبية التي وصلت لدرجة حرمان المستمعين من سماع بعض الكلمات، وحتى التأثير على تركيز المتحدثين على المنبر.
لعل الكم الكبير من الأنشطة والعدد الهائل من الحضور هو ما سبب تلك الحال. وجود هذه الأعداد في القاعة، وعدم توفير مقاعد كافية، واضطرار كثير من المدعوين للوقوف والبحث عن مقاعد، مشهد أثَّر في جمال الافتتاح.
حضر كل موظفي الشركات حتى موظفي المبيعات والسكرتارية والأرشيف والسائقين ليزاحموا المهتمين بالبحث والراغبين في التعلم. تحولت قاعة الافتتاح إلى ما يشبه البطحاء يوم الجمعة ولكن بنكهة الموقع الفاخر، أي على مستوى خمسة نجوم.
إن من نافلة القول أن يهتم المضيف بالمدعوين وهذا ما يجعلنا نعتب على منظمي المنتدى، فهم يعلمون أن عدد المدعوين تجاوز الألفين عدا عن الذين حضروا بدون دعوة أو تسجيل وهم كثر. لم تتوقف رسائل التذكير بالحضور وكأن المنتدى سيكون خالياً من الضيوف. تمنيت لو أن المنظمين طلبوا من المشاركين أن يحضروا أو يرسلوا مندوبيهم قبل المنتدى بيوم، لضمان تكوين فكرة عن الحال يوم الافتتاح.
يبقى منتدى الرياض هو ذلك التجمع الفكري الذي يعتمد على الخبرات والدراسات العلمية الواقعية، وتبقى له نكهته الخاصة على الرغم من كل الإشكاليات الجانبية والأخطاء البروتوكولية التي لم تكن متعمدة. وقد يكون القطاع الخاص هو الأكثر قناعة باختيار جهة احترافية متخصصة لتنظيم المنتدى واختيار المكان الذي يلائم أنشطته وأعداد مرتاديه في السنوات المقبلة. ولا يزال هناك الكثير من الدراسات التي سيستمتع بها كل من يحضر.
نقلا عن الاقتصادية
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال