الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في الآونة الأخيرة بدأ الاهتمام بالإعلانات الخاصة بالتوعية، التي لم تكن معهودة من قبل، ويمكن أن توصف بأنها جريئة نوعا ما لأنها تصادم مصالح بعض الشركات الكبيرة خصوصا في إعلانات التحذير من الوجبات السريعة، وبرامج الوقاية الصحية ليست جديدة، حيث إن من ضمن البرامج الوقائية التطعيمات الدورية، ومن ثم الفحص الطبي الإلزامي قبل الزواج، إضافة إلى التوعية بأضرار التدخين مع إلزام الشركات بوضع صور للتحذير.
قال الحكماء ”درهم وقاية خير من قنطار علاج”، وهذه حكمة لا شك أن امتثالها يحقق للإنسان معيشة أفضل بصحة جيدة، إذ إن الدواء في أي ظرف لا يمكن أن يحقق عودة كاملة لصحة الإنسان، خصوصا عندما يتساهل الفرد في العلاج في مراحل المرض الأولى سواء المزمنة أو غيرها، عندما نستقرئ كثيرا من الأمراض المزمنة وانتشارها بين أفراد المجتمع مثل أمراض السكري والضغط والكوليسترول، نجد أنها تصل إلى نسب عالية، وبطبيعة الحال فإن بعض هذه الأمراض إذا لم تتم العناية به في مراحل مبكرة والالتزام بالعلاج بشكل دوري، قد يؤدي إلى أمراض أخرى، مثل الفشل الكلوي والجلطات وغيرها، وهذه كلها ستؤدي إلى تكلفة علاجية كبيرة، إضافة إلى أن الفرد يعيش في حالة غير مريحة، خصوصا أنها تتطلب ملاحظة مستمرة وتعوقه عن ممارسة أمور حياته بصورة ليست مثل الفرد في حالته الطبيعية، وهذا بلا شك من مسؤولية الوطن تجاه المواطن، ولذلك فإنه من الأهمية بمكان العناية بتوعية المواطنين بغرض الحد من انتشار كثير من الأمراض، أو على الأقل التخفيف من أثرها بما يمكن المواطن من العيش بصورة أفضل.
لو نظرنا إلى كثير من الأمراض المنتشرة في المملكة خصوصا المزمنة، سنجد أن هناك أدوات وقائية تعزز من الصحة العامة للمواطنين، وتخفف من الأعباء على المؤسسات الصحية كالمستشفيات وغيرها بسبب الحاجة إلى العلاج، كما أن لها آثارا اقتصادية في قدرة الفرد على الانتاجية، إذن إنتاجية الفرد الطبيعي بصورة عامة أفضل من إنتاجية الفرد الذي يحمل مرضا يتطلب نوعا من العناية خصوصا في الأعمال المهنية، كما أن كثيرا من الأمراض والإعاقات ناتجة عن الحوادث خصوصا المرورية وهذا فيه تكلفة كبيرة، إضافة إلى أن استهلاك المواد الضارة مثل التدخين والمخدرات وكثير من الأغذية الضارة وهذا فيه هدر اقتصادي وضعف الاستثمار في الأغذية الصحية المفيدة للفرد، ويمكن أن يكون هناك آثار اقتصادية أخرى على المجتمع وعند حساب هذه الآثار بالأرقام سنجد أنها تكلف المليارات، والعنصر المهم في ضعف الوعي والصحة العامة هو صحة الإنسان المواطن، ولكن البعد الاقتصادي له أهمية أيضا.
وللحد من هذه الآثار فإنه من المهم العمل على برامج وقائية وبرامج توعوية، ومع تطور عمل المؤسسة الصحية في المملكة نجد أن هناك خطوات في هذا الإطار مثل التطعيمات الدورية للأطفال، وفحص ما قبل الزواج، وهذه البرامج تتميز بسهولة الوصول والمتابعة، إضافة إلى تحفيز تقليل التدخين وذلك بمنع ذلك في الإدارات الحكومية ورحلات الطيران، والآن تحرص الجامعات على الحد من تدخين الطلاب في الجامعات، ومثل هذه الإجراءات قد يكون لها دور في الحد من انتشار بعض الأمراض.
كما أن برامج التوعية التي بدأت بها الوزارة من خلال بعض الإعلانات هو أيضا يأتي في إطار نشر الوعي، ولكن يبقى أنه من المهم تعزيز هذه البرامج باستراتيجية مؤثرة تأخذ في الاعتبار الجوانب التي تؤثر في أفراد المجتمع، إضافة إلى العمل في التوعية والوقاية، ليس فقط على مستوى البرامج العامة للمجتمع، بل يمكن أن يكون بناء على خريطة للأمراض التي تنتشر بشكل أكبر في مناطق دون أخرى. ومن جوانب التحفيز على العناية بالصحة مسألة تعزيز الفحص الدوري من خلال أدوات يمكن استخدامها في المنزل أو من خلال استهداف الأماكن التي يجتمع فيها الأفراد بشكل أكبر، وهذا موجود بنشاط محدود، إضافة إلى مسألة إيجاد المستشفيات المتنقلة التي تستهدف المدن الصغيرة والقرى، وفي مبادرة لجامعة المجمعة تم مثل هذا البرنامج، ومن خلال تقرير متلفز فإن هذا البرنامج اكتشف أن لدى بعض المواطنين مشكلات صحية لم يكونوا على علم بها، ومثل هذا البرنامج إذا ما تم بصورة دورية سيزيد من مستوى الوعي لدى هذه الفئة التي ترى أنه من المشقة أن تقصد المدن التي تتوافر فيها المراكز الصحية المتكاملة، من المهم أيضا أن يكون ضمن البرامج التوعوية والوقائية ما يستهدف الجيل الجديد من خلال برنامج مستمر للمدارس للتوعية الصحية وتدريب بعض المعلمين لنشر هذا الوعي بين الطلاب.
فالخلاصة أن البرامج الوقائية والتوعوية الصحية لها أثر كبير في الحد من انتشار الأمراض خصوصا المزمنة، ومن المهم أن يكون لدى المؤسسة الصحية برنامج على مستوى عال تنظيميا وموسع للاهتمام بهذا الأمر، لما له من أثر في تحسين الصحة العامة للأفراد في المجتمع، إضافة إلى تخفيف التكلفة الاقتصادية في الإنفاق على الصحة.
نقلا عن الاقتصادية
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال