الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
@barjasbh
الشيليونيرية، ومفردها شيليونير، (مصطلح جديد، والشيلـ.. كلمة تعني “الصخري”) وهم أشخاص أصبحوا مليونيرية بين عشية وضحاها من إتاوة الأرض (حقوق تُعطى مقابل حق ملكية الأرض) في الولايات المتحدة، هؤلاء أشخاص محظوظين بمجرد أنهم يسكنون فوق “النفط والغاز الصخري” وأتت شركات النفط لتستأجر مزارعهم لتحفر الآبار وتستخرج النفط والغاز بعد وضع معداتهم في المزرعة، ويحصل هؤلاء المزارعين على جزء من عوائد النفط والغاز (الإتاوة) طالما أنه يستخرج من مزارعهم. أصبح كثير من ضعيفي ومتوسطي الدخل (فلّاحين) شيليونيرية.
خلال السنوات الأخيرة تم اكتشاف كميات كبيرة من الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة تعادل ضعف كميات “النفط السعودي”، ويسمونه (أمل المستقبل) ولكن في مكامن صخرية تقع أكثر من 3 كيلومترات تحت الأرض. الغاز الطبيعي أو أمل المستقبل للولايات المتحدة سيغنيهم عن استيراد النفط الأجنبي وعن استخراج الفحم الملوث، ويميز الغاز الطبيعي قلة كميات انبعاثات الكربون فهي تعادل نصف انبعاثات الفحم.
حتى اليوم، تم اكتشاف مكامن النفط والغاز الصخري في أكثر من 60% من الولايات (أكثر من 30 ولاية) في أمريكا. وفي أرياف ولاية لويزيانا فقط سيتم حفر عشرات الآلاف من الآبار، في أحدى القرى الصغيرة في لويزيانا استخراج الغاز الصخري أنعش اقتصاد المنطقة، فعوائد العقار أكثر من 6 مليارات دولار في وقت بقية أمريكا تعاني من “شبه كساد اقتصادي”، وتم زيادة الوظائف في هذه المنطقة الفقيرة بـ 57 ألف وظيفة.
محاسن النفط والغاز الصخري كثيرة، منها اقتصادية (خفض الواردات النفطية، خلق الفرص الوظيفية، انتعاش سوق العقار والأسواق الأخرى، زيادة عدد الشيليونيرية) وهناك أيضا محاسن بيئية، والمستقبل يبشر بالخير لأمريكا حيث أن مراكز البحوث والتطوير والجامعات تعمل على تطوير تقنيات التنقيب واستخراج الصخري لخفض تكاليف حفره واستخراجه وتحسين العوامل البيئية.
بقي أن نعرف مساوئ النفط والغاز الصخري، وهو الموضوع المطروح على طاولة الحوار هذه الأيام في أمريكا. آبار الصخري في أمريكا تُحفر حوالي 3.2 كم عموديا، وثم يلتف الحفر حوالي كيلومتر ونصف أفقي كما في شكل حرف “L”، وبطبيعة الصخري يلزم تفجير الصخور ليتمكن استخراج النفط والغاز منه ويسمى بـ “التفجير الهيدروليكي”. يتطلب هذا التفجير ضخ (بضغط عالي) ملايين الجالونات من الماء بعد خلط رمل ومواد كيميائية مع الماء.
تتعرض الأنابيب المستخدمة لاستخراج النفط والغاز الصخري والجدار الإسمنتي المحاط بهذه الأنابيب إلى تشققات وتتسرب منها المواد الكيميائية المستخدمة في التفجير وقد تلوث مناطق المياه الجوفية (الآكـويفر) التي تستخدم في الاستعمال الآدمي والشرب وهذا خطر جدا على السكان. وهذه الخطورة لم تكن موجودة من قبل حيث أن المواد الكيميائية لا تُستخدم في استخراج النفط والغاز التقليدي. وتبقى هذه المشكلة واردة طالما أن هناك في أي عمل أخطاء بشرية وظواهر طبيعية وتعّدي من بعض الشركات في عدم التقيد بلوائح وأنظمة الأعمال والسلامة. الطائرات والسيارات والكهرباء جميعها معّرضة للحوادث والخطورة واردة، وكذلك خطورة المواد الكيميائية المستخدمة في تفجير الصخور أثناء استخراج النفط الصخري، ولعلنا نتذكر قصة موت 17 بقرة في ولاية لويزيانا بعد اختلاط هذه المواد الكيميائية في مياه المرعى.
أخيرا في تصريح للرئيس التنفيذي لسيرا (Sierra Club) أقدم وأكبر منظمة والأكثر تأثيرا في شؤون البيئة في الولايات المتحدة، صرح بأن القوانين بهذا الشأن غير قوية وغير متبعة أيضا، فالشركات لا تبالي كثيرا ولا تفصح عن أنواع المواد الكيميائية التي تستخدم في تفجير الصخور في المكامن الصخرية.
يذكر الرئيس التنفيذي لسيرا بأن شركة هليبرتون (أكبر شركة في تفجير الصخور في المكامن النفطية وثاني أكبر شركة في الخدمات النفطية) والتي حصلت في عام 2005 على “سماح بعدم الافصاح” من الكونجرس عن مكونات المواد الكيميائية المستخدمة، وقد سعى للحصول عليها الرئيس التنفيذي لشركة هليبرتون آنذاك “ديك شيني” والذي شغل منصب نائب الرئيس السابق لأمريكا (أثناء رئاسة جورج بوش الابن) ووزير دفاعها (أثناء رئاسة جورج بوش الأب).
طلبت وكالة البيئة الأمريكية من 9 شركات تعمل في تفجير الصخور أثناء استخراج النفط والغاز الصخري، طلبت الافصاح عن أنواع المواد الكيميائية، و8 شركات أفصحت، وشركة هليبرتون رفضت !!! وتم رفع قضية في المحاكم.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال