الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
التفت وزير المالية إلى المسئول الرفيع في صندوق النقد الدولي قائلاً: الغداء اليوم ليس معداً في فندق فخم، بل أعدته إحدى الأسر السعودية المنتجة. كان لذلك وقع جميل على المسئول وعلى الحضور، وبالفعل تناولنا فيما بعد وجبة جيدة الاعداد والتقديم. لكن ما المؤسسة السعودية الحكومية التي تُعنى بتمويل مشاريع الأسر المنتجة والمشاريع متناهية الصغر، من حيث الترخيص والتمويل والدعم؟.
وهل هناك مؤسسات مالية متخصصة مرخصة لتقديم «التمويل متناهي الصغر»؟ الاجابة: لا على كلا السؤالين، ولابد من ملاحظة حديثنا هنا ليس بالضرورة عن أسر فقيرة، بل عن أسر تنتج من المنزل وليس من المصنع أو من محل تجاري.
هذه الخلايا الانتاجية المنزلية بوسعها أن تقدم الكثير للاقتصاد بأن ترفع انتاجيته وتستوعب شرائح قد لا يكون بوسعها العمل والانتاج إلا عبر هذه الصيغة، ولذا فهي تستحق الكثير من الدعم؛ بدءا من الترخيص ومراقبة الجودة إلى التمويل والتسويق والترويج. وهكذا، فليس ملائماً إحالة هذه الأسر إلى الجمعيات الخيرية، بل ما علاقة الجمعيات الخيرية بالأمر؟! فتكاليف وأعباء التمويل متناهي الصغر هائلة فضلاً عن حاجتها لكادر متخصص.
والأمر يتطلب التعامل معها باعتبارها مشاريع اقتصادية مقرها المنزل، مما يعني خروج البيروقراطيين من مكاتبهم بإرسال مندوبات لبيوت هذه الأسر لتقديم العون والدعم بكل أشكاله وأنماطه بما في ذلك الدعم المالي. وغير خاف، أن دعم الأسر المنتجة فيه تعزيز للمحتوى المحلي ونشر لمنتجاتنا الأثيرة، بدءا من الأطباق والحلويات إلى المنسوجات والمنتجات اليدوية الأخرى.
وباعتبار مساحة المملكة وانتشار المدن والبلدات والقرى والهجر في أنحائها، وباعتبار الأعباء المالية الثقيلة لإدارة وتقديم القروض (التي تقد تزيد عن 50 بالمائة من قيمة القرض- ولا أتحدث عن الفائدة أو تكلفة رأس المال- فلا بد من وجود آلية مبتكرة وفعالة لتقديم التمويل الملائم بشروط مدروسة، فكثير من هذه الأسر ومن أصحاب المشاريع متناهية الصغر لا يرغبون أن تكون نواة مشروعهم هبة بل قرضاً حسناً يُرَدّ بعد تمكن المشروع من الوصول لنقطة التوازن وإيجابية التدفقات النقدية.
وفي العديد من البلدان، هناك تراخيص تمنح لمؤسسات مالية متخصصة لتقدم التمويل متناهي الصغر (micro-finance)، وتعمل تلك المؤسسات مع الأسر وأصحاب المشاريع متناهية الصغر عن قرب لإنجاحها باعتبار أن ذلك هو الضمانة الوحيدة لسدادها للقرض، وتحصل المؤسسات على دعم حكومي يمكنها من تغطية تكاليف الإدارة والتمويل.
ومبرر تقديم الدعم الحكومي لمؤسسات التمويل متناهية الصغر يرتكز على ما لأنشطة هذه المؤسسات من أثر في انتشال العديد من الأسر الفقيرة من فقرها، وفي جعل عدد من العاطلين غير القابلين للتوظيف باعتبار مؤهلاتهم أو ظروفهم ينخرطون في الانتاج ومن ثم الخروج من دائرة العوز. لكن ما الجهة التي يمكن أن ترخص لمؤسسات مالية متناهية الصغر؟ مؤسسة النقد أم وزارة التجارة أم مَنْ؟.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال