الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في هذه الفترة القصيرة تزامنت مجموعة من القرارات والإجراءات التي تنظم القطاع العقاري بالمملكة خصوصا السكني، والتجاري بغرض السكن مثل الشقق السكنية، لعل من أهم هذه الإجراءات إصدار أول رخصة تمويل عقاري لبنك الرياض، التي تخوله تقديم التمويل العقاري للأفراد، وذلك بداية لتطبيق آلية منظمة لعمل المؤسسات المالية للتمويل العقاري التي تسمى في كثير من دول العالم بالرهن العقاري Mortgage، كما أنه تمت الموافقة على آلية للرهن تمكِّن المواطن من الاستفادة من التمويل العقاري الذي يقدمه صندوق التنمية العقاري، وإضافة تمويل آخر من البنوك وذلك بغرض توفير فرص أكبر لتملّك المواطن منزلا بعد الارتفاعات الكبيرة في أسعار العقارات بشكل عام والأراضي بصورة خاصة، كما تعتزم وزارة الإسكان إطلاق نظام إيجار الذي تسعى من خلاله إلى تنظيم قطاع الإيجار السكني بما يحقق نوعا من الانتظام وحفظ الحقوق لطرفي العلاقة في الإيجار.
هذه الإجراءات المتزامنة سيكون لها أثر إيجابي في انتظام القطاع العقاري مع استمرار تطوير وتحديث الإجراءات التي تساعد على نشاط هذا القطاع المهم والضروري لكل مواطن، ولكن السؤال هنا: ما أثر هذه الإجراءات على السوق، خصوصا ما يتعلق بأثر إصدار أول رخصة للتمويل العقاري الذي سوف تتبعه مجموعة من الرخص، حيث إن مؤسسة النقد الآن بصدد دراسة 15 طلبا أخرى لإصدار رخص التمويل العقاري لمجموعة أخرى من المؤسسات المالية.
بطبيعة الحال ماذا يعني للمواطن مثل هذا الإجراء، لعل كثيرا من المواطنين لديهم نوع من عدم الوضوح لمفهوم نظام التمويل العقاري، أو ما يسمى بالرهن العقاري، وهذا ما جعل البعض يحاول أن يركز على الجانب المتعلق باهتمام المواطن وهو مسألة ارتفاع أسعار العقارات، وهل الرهن العقاري سيزيد من هذه الارتفاعات، أم أنه سيكون له أثر عكسي يتسبب في انخفاض أسعار العقارات. والحقيقة أنه بالنظر إلى الصورة العامة لواقع التمويل العقاري نجد أنه لم يكن منقطعا قبل إصدار التراخيص، لكن هذا الإجراء سوف يزيد من اهتمام البنوك بهذا النوع من التمويل، خصوصا أنه سوف يحقق لها سهولة في الإجراءات، إذ إنه يسمح للبنوك بشراء ورهن العقارات بغرض التمويل العقاري بدلا من الإجراءات السابقة التي تعتمد على إدخال طرف ثالث من أجل أن يرهن هذه العقارات، ليتمكن البنك من استعادة ماله في حال لم يتمكن العميل من السداد.
نظام الرهن العقاري نظام شائع في العالم وهو أحد أهم الوسائل التي تمكّن الأفراد من الحصول على التمويل وتملّك العقارات في وقت مبكر بدلا من الإنفاق بصورة كبيرة على الإيجارات، وقد أسهم في تعزيز الاستثمارات العقارية، إضافة إلى تمكين نسبة أكبر من المواطنين من التملك، فهو بالدرجة الأولى يعطي البنوك نوعا من فرص انخفاض مخاطر التمويل، وبالتالي قد يؤدي إلى انخفاض تكلفة التمويل المتعلق بالعقار لدى البنوك، خصوصا عندما نعلم أن القطاع الخاص أكثر سرعة في استجابته إلى احتياجات السوق والزيادة المتسارعة في الطلب على التمويل، فالتمويل العقاري الحكومي من خلال صندوق التنمية العقاري قد كان في بداياته يقدم التمويل مباشرة للأفراد، وبعد الزيادة الكبيرة في عدد السكان أصبحت قوائم الانتظار تصل إلى أكثر من عشر سنوات، وهذا يختلف تماما عن التمويل الذي يقدمه القطاع الخاص خصوصا البنوك، حيث لا يأخذ الإجراء أكثر من أيام. ولكن يبقى هاجس المواطن، هو أسعار العقار، والذي يمكن أن يكون هناك مجموعة من الإجراءات تسهم في أن تكون السوق انعكاسا لحالة العرض والطلب بدلا من أن تكون هناك عوامل مثل الاحتكار أو ضعف في مشاريع الخدمات التي تمكّن من إيجاد فرص لبناء المواطنين مساكن في مناطق مناسبة. لا شك أن تنظيم التمويل يمكن أن يكون الإجراء الأسهل لتنظيم سوق العقار، ومن الممكن أن تتبعه مجموعة من القرارات والإجراءات التي تساعد في استقرار أسعار الأراضي وتسهل أو تقلل من تكلفة البناء.
الخلاصة أن البدء في إصدار التراخيص لمزاولة التمويل العقاري بنظامه الجديد لا شك أنه خطوة إيجابية في تنظيم هذه السوق، والمؤمل أن تتبعه مجموعة من الإجراءات تسهم في تعزيز هذه السوق باستقرار الأسعار، ووجود نشاط يعكس العرض والطلب الذي يحقق السعر الحقيقي الذي ينبغي أن تكون عليه العقارات بعيدا عن الاحتكار.
نقلا عن الاقتصادية
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال