الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
نشتكي تدني جودة المشاريع التي تنفذها جهات حكومية. هناك أسباب كثيرة وراء هذا التدني، ومن أهم هذه الأسباب ضعف المهارات والضعف المهني في القطاع الحكومي.
تطرق إلى هذا الأمر الزميل في هذه الجريدة الأخ بندر الضبعان يوم الثلاثاء الماضي، تحت عنوان ”تعثر مشروعاتنا مع المطر .. هل فعلا ”الفساد” وراءها؟”.
كيف؟
نحن نرى دأبا من الأجهزة الحكومية على الاستعانة بمتخصصين من خارجها لتقديم خدمات استشارية وإعداد دراسات وتقارير في مجالات متنوعة، مما كان مفترضا أن ينجز أكثره بواسطة موظفي الأجهزة الحكومية المعينين على وظائف تخصصية، أسوة بما يحدث في دول أخرى كثيرة. وحتى لا يفهم التعميم في كلامي فإن ما قلته لا ينفي وجود كفاءات وطنية عالية المستوى، ولكنها وبصفة عامة قليلة وغير مستغلة على الوجه الأمثل.
من أسباب تدني المستوى المهني الحكومي قوة العواطف من محسوبية وما إليها في التعيينات والترقيات. من الأسباب أن تصنيف الوظائف التخصصية في الخدمة المدنية – باستثناء تخصصات قليلة جدا – لم يأخذ بعين الاعتبار وجود حقول أو مهارات تخصصية ضمن التخصص العام تكتسب خلال الدراسة الأكاديمية أو أثناء العمل.
من الأسباب أن معايير التقويم المتبعة للتعيين أو الترقية على أغلب تلك الوظائف لا تكفي للحكم باكتساب الكوادر المهارات المنشودة، كما أنها لا تكفي لترغيب المتخصصين في تطبيق المهارات المنشودة أثناء العمل، أو لتحديث معلوماتهم المهنية.
أساليب أو طرق التقييم التي يعتمد عليها لإعطاء رأي يتصف بالنزاهة والموضوعية للتأكد قدر المستطاع من تحقق المتطلبات في المرشح للوظيفة هذه المعايير أو الأساليب المتبعة حاليا في أنظمة ولوائح الخدمة المدنية للتعيين أو الترقية على الوظائف التخصصية الاقتصادية لا تعتبر كافية لمعرفة مدى أهلية واستحقاق المرشحين لشغل تلك الوظائف، بل هي أضعف وأدنى من أن يعتمد عليها.
عدد سنوات الخدمة هو أول المعايير المتبعة حاليا، ولكن من المشهور أن عددا كبيرا من الموظفين المعينين تحت مسميات مهنية (مثل مستشار وكبير إخصائيين و… إلخ) من المشهور أن عملهم يغلب عليه أو يطغى عليه الجانب الإداري البيروقراطي، ومن ثم فإن أكثر المهام التي يؤدونها لا تطبق فيها المهارات والأدوات الاقتصادية التي تعلموا أساسياتها في الجامعة. وحتى لو طبقوا شيئا منها، فإنه يغلب عليهم الجمود في المعلومات، والانقطاع عن تحديث مهاراتهم ويقل أو يندر اطلاعهم على وسائل المعرفة المتنوعة من كتاب وغيره لتطوير قدراتهم.
معيار آخر هو تقويم الأداء، ولكن من المعروف أن تقويم الأداء لا يعتمد عليه اعتمادا قويا للحكم على مستوى المرشح علما ومهارة، بسبب خلوه من المعايير الفنية الموضوعية الكافية لتقييم الموظف المتخصص، وبسبب تفشي عوامل المحاباة والتساهل في أوساط الدوائر الحكومية، وهذا أمر معروف جيدا لدى المسؤولين في وزارة الخدمة المدنية.
مقترحات
بناء على ما سبق لا بد من توصيف أدق للوظائف التخصصية أو المهنية، وإلى وضع مواصفات أدق في صاحب الوظيفة، بما يسير مع الاتجاه المتعارف عليه علميا ومهنيا، وكما هو متبع في الدول والمنظمات الدولية المتطورة إداريا. ولا بد أن تحترم أثناء الممارسة.
التفرقة بين الترقية الوظيفية البحتة والترقية الوظيفية الفنية واجبة، فيمكن أن يرقى الموظف إلى مراتب عالية لكن دون أن يعطى ألقابا ومسميات لها متطلبات فنية أو مهارات غير متوافرة فيه التوافر الكافي. ويجب التفريق بين الاثنتين من حيث المهارات.
لا بد من اختبارات صارمة للترقيات على الوظائف التخصصية. وفي هذا، مطلوب تبني أساليب تقويم أعلى مهنيا مما هو موجود. وأن يلتمس فيها تحقيق أعلى نزاهة ممكنة عند التعيين أو الترقيات على الوظائف التخصصية من المرتبة العاشرة فصاعدا. تحقيق هذا الاقتراح يتطلب إنشاء إدارة أو مركز للتقويم تابع لوزارة الخدمة المدنية، كيف وقد رأينا إنشاء مركز لتقويم الطلاب المتقدمين للجامعات. إن تقويم الموظفين المتقدمين للترقية على وظائف تخصصية مهمة ومؤثرة في حسن أداء الجهاز الحكومي ليس أقل أهمية من تقويم الطلاب. وفي هذا الصدد يمكن الاستفادة من الخبرات المتوافرة والأساليب المطبقة في الجامعات وفي الهيئة السعودية للتخصصات الصحية، كما أن في تجارب وخبرات الدول والمنظمات الدولية في تقويم وترقية وكيفية الاستفادة من المتخصصين ما يفيد ويعين على الإصلاح.
نقلا عن الاقتصادية
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال