الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
لا يزال الاقتصاد الوطني غير قادر على الخروج من دائرة العوائد النفطية، والتي تمثل قرابة 90% من مجمل الدخل؛ وتكتفي الجهات المسؤولة -عادةً- بإعادة ضخ هذه العوائد مرة أخرى، إلى الإقتصاد الوطني؛ فيما يشبه الدوران والعودة في كل مرة إلى نقطة البداية تقريبًا ! وهذا هو ما يسمى “بالاقتصاد الريعي”.
إن اقتصاد الريع، أو الاقتصاد الريعي يمثل اعتماد الدولة الكلي، أو الأغلب على مصدر واحد للدخل، وهذا المصدر غالبًا ما يكون مصدرًا طبيعيًا كالنفط، والمعادن… دون أن ينتج عن ذلك نشاط اقتصادي منتج، أو ممارسة سوقية واضحة…
وله تداعيات كثيرة من أهمها، أنه يضع الاقتصاد تحت رحمة المتغيرات الداخلية، والخارجية مثل تذبذب الأسعار، واختلاف سعر العملة، والنضوب، والتناقص، وظهور بدائل أكفأ… كما أنه يساهم في تشويه المؤشرات الاقتصادية، من خلال تحويل أغلب الاستمثارات، إلى قطاعات العوائد السريعة، مثل الخدمات، والعقارات، والمضاربات، ويعتمد هذا الاستثمار الرخو على الاستيراد الزائد، وتظهر في نظمه المركزية، والبيروقراطية، والفساد الإداري، والمالي، مما يُصعِّب احتواء مشاكل البطالة، والفقر، وتردي الخدمات الرئيسة كالصحة، والتعليم، والإسكان… وله تبعات أخرى تعوق، وتحد من استخدام المقومات الطبيعية عند الإنسان، في التفكير الخلاق، والبحث عن الأفضل، حيث يتسم هذا المجتمع بدوافع الاستهلاك الترفي، والاتكالية، وانتظار العطاء، وتصبح العلاقات الشخصية أعلى، وأهم من العلم، والفكر، والمعرفة، والعمل…
وهذه المخاطر، والآثار، ألقت بثقلها في مسيرة التنمية الوطنية، وعرقلت توجهات الإصلاح، وكأنها أضحت نمطًا وذهنيةً ملازمةً لمحاولاتنا الإصلاحية، وأمام هذه المعضلة المركبة، يتطلب اتخاذ القرار السرعة، والذكاء، والقوة؛ لاسِيَّما والظروف أصبحت أشد تعقيداً، لشح أرضنا بالبدائل الزراعية، والمائية، ولما يحيط بالنفط من زوابع، وتكهنات، وللمتطلبات التنموية الملحة؛ في ظل النمو المطرد في عدد السكان، وزيادة الضغط المجتمعي المتنامي، نحو الوظائف، والحياة الكريمة…
والحقيقية أنه لا يمكن المراهنة، على أي إصلاح، أو محاولة إصلاح في المجتمع الريعي، إلا بتحويل مصدر دخله الريعي، إلى إنتاجيٍّ متنوعٍ تنافسيٍّ بالصناعات التحويلية، والثانوية، والتركيز على الأنشطة ذات القيمة المضافة العالية، بمثل ما ورد في “الخريطة الصناعية لدول مجلس التعاون” لعام 2012م ولكن قبل هذا، وذاك لابد من إصلاح جوهري يقتلع الجذور الفاسدة، ويعتمد الكفاءة، والشفافية، والرقابة الصارمة، ولنتذكر أن التاريخ لا ينسى، والمستقبل لا يرحم.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال