الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
طوى عام 2013 ملفاته بالأمس، بكل ما حملته من تطوراتٍ وتغيرات على المستوى الاقتصادي والمالي المحلي، نمو اقتصادي حقيقي بلغ 3.8 في المائة، كان أسرع نشاطاته نمواً التشييد والبناء بنحو 8.11 في المائة، ثم النقل والتخزين والاتصالات بنحو 7.2 في المائة، مع الإشارة إلى النمو اللافت الذي سجّله النشاط الفرعي لملكية المساكن بنحو 8.6 في المائة، ودخول أكثر من 400 ألف وحدة سكنية إلى سوق الإسكان خلال العام الماضي، والتي لم تؤثّر إيجاباً في معدلات تملّك المواطنين للمساكن؛ فلا تزال دون الـ 20 في المائة وفقاً لما أظهرته بيانات وزارة الإسكان.
كما لم يطرأ تحسن لافت على معدلات البطالة خلال العام الماضي، على الرغم من توظيف القطاعين الحكومي والخاص لنحو 441 ألف مواطن ومواطنة، فلا يزال معدل البطالة الحقيقي بين المواطنين رابضاً فوق الـ 40 في المائة، وهو المعدل الأدق بناءً على بيانات طالبي العمل الفعليين المسجلين لدى صندوق الموارد البشرية، وليس بناءً على تقديرات مسحية لدى مصلحة الإحصاءات العامّة، التي انتقدتْ أسلوبها في طريقة حساباتها لسوق العمل الاستراتيجية السعودية للتوظيف، الصادرة عن وزارة العمل.
ما القضايا الأثقل وزناً على المستوى الاقتصادي للعام المولود اليوم 2014؟ أعتقد أنّها النحو الآتي وفقاً لما تمسّه من شريحة أكبر من السكان، ولوزنها الاستراتيجي في سلم أولويات الاقتصاد الوطني، ولامتداداتها خارج النطاق الاقتصادي، وممارساتها مع جوانب أخرى مهمة أمنياً واجتماعياً بالدرجة الأولى. مؤكداً؛ أنّها لم تتغير عن القضايا ذاتها التي استحوذت على الاهتمام المجتمعي طوال الأعوام الفائتة، والتي تركّز عليها اهتمام الكاتب هنا ولا تزال تشغل حيّزاً واسعاً منه. أسردها هنا باختصار كأهم تلك الاعتبارات، آخذاً في الاعتبار المساحة المتاحة للمقال:
(1) قضية الإسكان، وتسهيل تملّك المواطنين وأُسرهم لمساكنهم، ما يزيد من الإلحاح على أهمية أن تستعجل وزارة الإسكان الخطوات اللازمة لكبح جماح ارتفاع أسعار الأراضي والعقارات، عبر العمل على فرض الغرامات أو الرسوم اللازمة على الأراضي البيضاء داخل المدن غير المستغلة، وضرورة تطوير خيارات المشاركة مع القطاع الخاص لضخ المزيد من المساكن اللائقة والمحققة لاشتراطات العزل الحراري وترشيد استهلاك الطاقة الكهربائية، بالتعاون والتنسيق المستمر في هذا الاتجاه مع وزارة الشؤون البلدية والقروية.
(2) التوظيف والحد من البطالة المتفشية بين المواطنين والمواطنات، وفق آلية تأخذ بعين الاعتبار المؤهلات ومستويات الدخل اللائق لتوفير معيشة كريمة للباحثين عن فرصٍ للعمل.
(3) تحسين مستويات الأجور المدفوعة للعمالة المواطنة في القطاعين الحكومي والخاص، وضرورة أخذها بعين الاعتبار لما تآكل من قيمته الحقيقية (55 في المائة) نتيجة التضخم الزاحف طوال الأعوام القليلة الماضية، وامتداد أهمية تلك النظرة إلى مستويات المدفوعات الشهرية للمتقاعدين والمتقاعدات، كونهم شركاء أساسيين في المجتمع، وكون الضرر الواقع على تلك الشريحة أكبر، قياساً على تدنّي تلك الأجور التقاعدية، ولعدم استفادة أصحابها من التحسينات التي طرأت على الأجور طوال الفترة الأخيرة.
(4) الإسراع في تحسين الخدمات الصحية، وضرورة إنهاء ملفاتها العديدة المتشعبة، لعل من أهمّها شمول المواطنين بالتأمين الطبي أسوةً بما أصبح يتمتع به السكان غير السعوديين! وأن تعمل وزارة الصحة على معالجة أوجه القصور كافّة التي يعانيها القطاع الصحي، التي لا يوجد كأكبر خاسرٍ منها إلا المجتمع والمواطن.
(5) الإسراع في تطوير بيئة الحياة داخل المدن الكبرى، من تحسين للطرق وتطوير أسرع لبدائل النقل، ووضع الحلول الدائمة والفاعلة لمعالجة أزمة الزحام التي تركت آثاراً سلبية جسيمة على البيئة، وعلى إنتاجية العمالة أثناء ذهابها إلى مواقع العمل.
(6) الإسراع في معالجة التأخير الكبير الذي تعانيه أروقة القضاء بمختلف اتجاهاته، قياساً على قلة عدد القضاة أمام تزايد الحاجة الاجتماعية والتجارية ومختلف أوجه الحياة إلى هذا القطاع الحيوي، عدا ما يعانيه القطاع تجاه الكثير من محاوره المرتبطة بضرورة تطويره تنفيذاً للأوامر السامية الصادرة بخصوصه.
(7) الإسراع في مواجهة أوجه الفساد بأشكاله كافة التي، كما بيّنت المؤشرات الدولية حول الاقتصاد الوطني أنه لا يزال في مستويات تبعث على القلق، ألحقت الكثير من الأضرار بمصالح البلاد والعباد، لعل من أسوئها ما نشهده بصورةٍ مستمرة من تأخّرٍ لتنفيذ المشروعات الحكومية، أدّى إلى انخفاض كفاءة الخدمات المقدمة من الأجهزة الحكومية على مستوى الخدمات الصحية والتعليمية والبلدية والنقل والسياحة، كما أدّى إلى توسيع التفاوت المادي بين مختلف شرائح المجتمع، إضافةً إلى تكريسه للتشوهات الجاثمة على الاقتصاد الوطني من احتكارٍ للقلة في العديد من الأسواق المحلية.
(8) الإسراع في تطوير وتحسين بيئة الاستثمار المحلية، كونها السبيل الأهم على طريق تعزيز تنوع القاعدة الإنتاجية المحلية، والعمل وفق برامج أكثر فاعلية على تشجيع المنشآت الصغرى والمتوسطة، ودعم وتوفير قنوات تمويلها بصورةٍ أكبر مما هو قائم الآن، وأن تتولى وزارة التجارة والصناعة مع مجلس المنافسة للحد من أشكال الاحتكار، وفتح جميع قنوات الاستثمار المحلية على قدم المساواة دون تمييز أمام شرائح المجتمع كافة.
(9) زيادة التركيز الإنمائي على المناطق الحضرية، والاهتمام بصورةٍ أكبر بتلبية جميع متطلبات وخيارات الحياة الكريمة في تلك المناطق، وهذه وحدها تتطلب برامج واسعة وفاعلة أكبر مما هو قائم الآن.
وللحديث بقية حول الكثير من القضايا الجوهرية الأخرى، سيكون لها التفصيل اللازم وللمحاور التي ذكرتها أعلاه على نحو مختصر.
نقلا عن الاقتصادية
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال