الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
د. عبدالله بن عبدالمحسن الفرج
أثار توقيع الرئيس الاندونيسي هذا الاسبوع قانوناً يحظر فيه تصدير المعادن الخام أمراً لا يخص اندونيسيا وحدها. فنحن نعرف أن تقسيم العمل الدولي الذي وضعته المراكز الصناعية العالمية يقوم جزء منه على أساس تخصص الاطراف في انتاج المواد الخام سواء كانت زراعية أو معدنية على أن يتم تصنيعها إلى منتجات نهائية في البلدان الصناعية.
طبعاً منذ منتصف القرن الماضي وحتى الآن تغيرت العديد من أوجه هذا التقسيم الجائر فأصبحت البلدان المستقلة تنتج وتصدر ليس فقط المواد الخام وإنما أيضاً السلع الصناعية النهائية. بل إن بعض البلدان حديثة التطور قد تحولت إلى مراكز صناعية عالمية كما هو الحال في جنوب شرق آسيا. ورغم ذلك، ولأسباب عدة، فإن تصدير المواد الخام قد بقي من نصيب البلدان النامية بصفة رئيسية. فنحن نعرف أن دورة رأس المال التجاري هي أسرع من دورة رأس المال الصناعي. ولذلك فإن البلدان حديثة التطور، التي تحتاج إلى الموارد المالية من أجل التنمية، مضطرة في البداية إلى المتاجرة بما لديها من مواد خام حتى تحصل على العملة الصعبة التي تمكنها لاحقاً من الانفاق على التنمية.
ونحن بالطبع يهمنا هنا النفط الذي ننتجه ونصدره. فهذه المادة مثلما نلاحظ غير صالحة للاستخدام كمادة خام. ولذلك اهتمت المملكة منذ البداية بتشييد مصافي النفط من أجل تلبية الطلب المحلي على مشتقاته. ولكن هذا الجزء المصنع، رغم توسعنا في بناء المصافي، لا زال أقل بكثير من النفط الخام الذي نصدره. ونحن لسنا فريدين في هذا المجال. فمعظم البلدان المصدرة للنفط حالها حالنا.
ولذا فإذا نظرنا إلى خارطة انتاج النفط وخارطة مصافي النفط في العالم فسوف نلاحظ أنهما يقعان في بلدان مختلفة وأماكن متباعدة عن بعضها البعض. فباستثناء فنزويلا التي تملك أكبر مصفاة في العالم وهي مصفاة بارجواناكومبليكس التي تبلغ طاقتها الانتاجية 940 آلف برميل يومياً فإن معظم المصافي الكبيرة نراها تقع في البلدان غير المنتجة للنفط مثل الصين، كوريا الجنوبية، الهند وسنغافورة. أما منطقة الخليج التي تملك أكبر احتياطي للنفط في العالم فإن حصة المصافي الكبيرة فيها تكاد تكون حصرا على المصافي التي تملكها أرامكو والتي يبلغ إجمالي إنتاجها 2,5 مليون برميل يوميا. وهذا يعادل 30% فقط من إجمالي النفط الخام الذي ننتجه. في حين تبلغ الطاقة الانتاجية لمصافي الكويت 920 ألف برميل يومياً والإمارات حوالي 800 ألف برميل يومياً. وللمقارنة فإن روسيا، حسب احصاءات 2006، تملك 28 مصفاة يصل إنتاجها إلى 5 ملايين برميل يومياً، أي 80% من النفط الخام الذي تنتجه.
ولهذا فإن الوضع الراهن لا يرضينا. فالمملكة مصممة على تغيير موقعها في النظام العالمي لتقسيم العمل ورفع طاقتها التكريرية إلى 3,6 ملايين برميل يومياً، لتحتل بالتالي المرتبة الرابعة عالمياً في هذا المجال. ورغم ذلك فإننا نطمح إلى احتلال موقع افضل يتناسب مع احتياطاتنا النفطية. فرفع حصة صادراتنا من مشتقات النفط على حساب صادرات النفط الخام سوف ينعكس على ميزان المدفوعات وميزاننا التجاري بشكل ايجابي.
نقلا عن الرياض
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال