الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
ركزت القرارات الملكية الكريمة الصادرة في بداية عام 2011 على التصدي للتحديات التي تواجه المملكة، والتي من أبرزها خفض معدلات البطالة بين المواطنين. وقد تم تبني العديد من السياسات الداعمة لتنفيذ أهداف هذه القرارات التي أهمها تبني سياسة مالية توسعية، لتحفيز النشاط الاقتصادي المولد لفرص العمل، وإصلاح سوق العمل وتوفير الدعم للعاطلين عن العمل. وقد أدى تفعيل هذه السياسات إلى تمكين الاقتصاد الوطني من رفع مستويات التوظيف مولداً ما يزيد على 818 ألف فرصة عمل خلال العامين الماضيين. ونمى إجمالي القوى العاملة بنسبة وصلت إلى 7.8 في المائة خلال فترة العامين، أو بمعدل نمو سنوي مقداره نحو 3.8 في المائة. وقد ازدادت قوة العمل السعودية من نحو 4.73 مليون شخص في عام 2011 إلى نحو 5.34 مليون شخص في عام 2013، مرتفعةً بنحو 611 ألف شخص. وبلغت نسبة نمو القوى العاملة الوطنية 12.9 في المائة خلال الفترة، أو بمعدل سنوي مقداره 6.3 في المائة. وارتفعت قوى العمل النسائية بنحو 181 ألف شخص، وهو ما يمثل نسبة نمو بلغت 20 في المائة خلال الفترة، أو نحو 9.5 في المائة سنوياً. وتفوق معدلات نمو القوى العاملة الوطنية معدلات النمو السكاني، بسبب ازدياد معدلات مشاركة السكان في سوق العمل.
وتزداد معدلات مشاركة السكان في سوق العمل لعدة أسباب، ولكن من أهمها تغير الخصائص السكانية والاجتماعية. فارتفاع نسبة الشرائح السكانية الشابة وارتفاع معدلات مستويات تعليم المرأة يرفعان من معدلات الداخلين الجدد في سوق العمل. ويشجع تحسن الأوضاع الاقتصادية السكان المحبطين أو ممن هم خارج قوة العمل للدخول إلى سوق العمل أو العودة له والبحث مجدداً عن عمل. ويرجع جزء كبير من ارتفاع قوى العمل النسائية إلى عودة العمالة المحبطة النسائية إلى سوق العمل، كما نجح برنامج حافز في تشجيع الكثير من المشتغلين، خصوصاً النساء المحبطات، أو حتى من لم يفكرن بالعمل بالدخول إلى سوق العمل أو العودة له.
وكان لمتطلبات البرنامج وتوفيره معلومات عن طرفي العمل سواءً العاملون أو المشغلون دور كبير في دفع المستفيدين منه لكي ينشطوا في البحث عن عمل.
وقد زاد عدد المشتغلين السعوديين من 4.14 مليون مشتغل في عام 2011 إلى نحو 4.72 مليون مشتغل في عام 2013، وبهذا ارتفع عدد المشتغلين من المواطنين بنحو 574 ألف مشتغل. وتمثل هذه الزيادة معدل نمو مقداره 13.9 في المائة خلال الفترة، أو 6.7 في المائة في العام. وقد ارتفع عدد المشتغلات بنحو 120 ألف مشتغلة، بينما ذهبت باقي الزيادة في عدد المشتغلين إلى الذكور. وقد أدى ارتفاع عدد المشتغلين بمعدلات أعلى من نسبة نمو قوة العمل إلى تراجع في معدلات البطالة بين العمالة الوطنية من نحو 12.4 في المائة في عام 2011 إلى نحو 11.7 في المائة في عام 2012. وتركزت البطالة بدرجة أكبر في قوة العمل النسائية، حيث تراجعت بشكل طفيف من 33.4 في المائة في عام 2011 إلى 33.2 في المائة في عام 2013. وقد تراجعت نسبة البطالة بين الذكور من 7.4 في المائة في عام 2011 إلى 6.2 في المائة في عام 2013.
ويبدو أن نسبة بطالة الذكور قريبة من معدلات البطالة الطبيعية التي لم تحدد حتى الوقت الحالي في المملكة. وتلعب المؤثرات الاقتصادية دوراً محدوداً في الفرق الكبير بين معدلات بطالة الذكور والإناث.
ويأتي ارتفاع معدلات البطالة بين الإناث، بسبب خصائص المملكة الاجتماعية، ولهذا من المتوقع أن تستمر هذه المعدلات مرتفعة حتى يتمكن المجتمع من إيجاد الحلول المناسبة التي تلائم خصائصه.
ووظف قطاعا الإدارة العامة والتعليم نحو 61.8 في المائة من العمالة الوطنية المشتغلة في عام 2011 “معظم العمالة السعودية”، وانخفضت هذه النسبة بشكل طفيف إلى 61.6 في المائة في عام 2013. ومن المعروف أن قطاع الإدارة العامة قطاع حكومي خالص، بينما يغلب على قطاع التعليم كونه قطاعاً حكومياً، لهذا فإن الحكومة ومؤسساتها هم الموظفون الرئيسون للعمالة الوطنية. إضافة إلى ذلك يمثل العاملون لأنفسهم والشركات العامة والمملوكة للدولة العصب الرئيس لتوظيف العمالة الوطنية في القطاع الخاص، حيث تتوافر في القطاع الحكومي والشركات العامة أجور أعلى وبيئة عمل أفضل.
لقد بُذلت جهود مضنية وأموال طائلة خلال العامين الماضيين للتصدي لمعضلة البطالة، ومع هذا فقد تراجعت معدلاتها ببطء شديد. وعلى الرغم من نجاح هذه الجهود الواضحة في توليد عدد كبير من الوظائف، إلا أنها لم تتمكن من خفض معدلات البطالة بشكل جوهري. وهذا يعود لعدة أسباب أهمها الخصائص السكانية المتمثلة في ارتفاع معدلات النمو السكاني، وارتفاع معدلات تدفق القوى العاملة الشابة إلى سوق العمل، والنمو الاقتصادي الجيد الذي شجع كثيرا من المحبطين عن العمل للعودة إلى سوق العمل.
إن خفض معدلات البطالة بقوة ليس بالعمل الهين الذي يمكن القيام به بسرعة أو بتكاليف منخفضة، خصوصاً في ظل النمو القوي في معدلات تدفق العمالة الشابة إلى سوق العمل. ولهذا فإن علينا الصبر والاستمرار في السياسات التي نجحت في زيادة توظيف العمالة الوطنية وتعديلها باستمرار، لضمان نجاحها في تحقيق أهدافها وتجنب الآثار السلبية المعيقة للنمو والتنمية.
ويتطلب خفض معدلات البطالة الاستمرار في السياسات الاقتصادية التوسعية مع التركيز على تحفيز القطاعات الموظفة للعمالة الوطنية، كما تتطلب الاستمرار في إصلاح سوق العمل، وتحفيز القطاع الخاص على توظيف العمالة الوطنية وتحسين بيئة العمل، ورفع مشاركة العمالة الوطنية في الأعمال الصغيرة.
نقلا عن الاقتصادية
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال