الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
لم تتفاقم مشكلة السكن إلى هذا الحد المفزع دون أسباب! بل كان خلف هذه النهاية الدراماتيكية سبب جوهري، يقارع الارتفاع الجنوني في أسعار الأراضي ثقلا وأهمية. إنه غياب القانون الذي يحدد نسبة الارتفاع السنوي في قيمة الايجار.
سأبسط المسألة لي ولكم بالدلائل والبراهين. مثلاً: المنزل الذي يأوي أسرة متوسطة في أمريكا لا يزال إيجاره الشهري يراوح عند ٨٠٠ – ١٠٠٠ دولار منذ نهايات الثمانينات وحتى يومنا هذا. بينما تضاعفت قيمة ايجار الشقة الكافية لايواء نفس الأسرة من ١٢ ألف ريال إلى ٤٠ ألف ريال سنويا منذ مطلع التسعينيات في المملكة.
هذا لأن نسبة الارتفاع المسموح بها في قيمة الإيجار، تأخذ في الحسبان، مستويات دخل الفرد والتقادم في عمر العقار المستأجر. بينما في حالتنا لا توجد أي ضوابط تحكم الموضوع! فلا تصنيف للأحياء ولا تسعير ولا تقنين لأي جزئية من شأنها أن تخدمني كمستأجر، وتحافظ على حقوق صاحب العقار. كل ما هنالك هو ورقة ويسمونها تجاوزا (عقدا) وفوق هذا وذاك… صادرة عن مكتب غير مرخص في أغلب الحالات.
أصبح الجميع يصارع في كل اتجاه للظفر بمسكنما الذي نتج عن كل هذا؟ فجع الناس بأهمية التفتيش عن سكن يمتلكونه!
وأصبح الجميع يصارع في كل اتجاه؛ للظفر بمسكن، وعرف المجتمع السعودي تنازلات عن الفيلا وأبهتها؛ وهذا يقتضي القبول بما عرف حينها بالدوبلكس! ومنها للشقق وهكذا.
وكان من الممكن ان يتفادى معظمنا هذه الحرب الضروس؛ لو كان هناك قوانين تحدد قيمة الإيجار وآلية ارتفاعه.
لقد عزز كل هذا من حضور فكرة امتلاك منزل بأضخم صورة قد تعرفها؛ كما ساهم في جعلها هدفا إلى حد الهوس! والناس في تصوري لم تملك الكثير من الخيارات تجاه هذه النتيجة. حتى إن أيا منا لا يملك تصورا كافيا لما يمكن أن يكون عليه الحال بعد سنوات قليلة من الآن.
وكل هذا يحدث اليوم في ظل وجود وزارة للإسكان؛ يبدو أنها مشغولة اكثر منا في التفتيش عن تحقيق أي ممكن!
هل سألنا انفسنا يوما، لماذا لا ينشغل سوي ٣٥٪ من سكان ألمانيا المتزوجين بقضية تملك السكن؟ ولماذا قد يبتسم الاسكندنافيون في وجهك لو سألتهم هل تسكنون بيتا مملوكا أم بالإيجار؟
القضية بالنسبة لكل هؤلاء أنهم فقط… يسكنون بمعرفة الأنظمة وبحماية القانون! ولا عزاء لأبو لافي في كل هذا… فهو الآن مشغول تماما في التفتيش عن شقة آخرى، بعد أن قرر صاحب العمارة رفع قيمة الإيجار من ٤٠ ألفا سنويا إلى ٤٥ ألف ريال فقط لا غير… ودون إشعار يكفي لتدبر هموم الترحال!
.. ويعود بنا كل هذا للتأكيد على أن المعركة حسمت لصالح هاجس تملك المنزل، هذا ببساطة هو نتيجة معارك انعدام الثقة واستيطان المخاوف!
*نقلا عن اليوم
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال