الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
الدين العام هو ما تقترضه الدولة من الغير لتمويل أعمالها ومشاريعها القائمة نظراً لعجز مواردها الذاتية، ويعد التصنيف الائتماني هو الفيصل في عملية منح هذه القروض حيث تستخدم وكالات التصنيف معايير اقتصادية ومحاسبية معقدة جداً للوصول إلى هذه التصنيفات. وتقسم التصنيفات الإئتمانية برموز ودلالات معينة، فأعلى مستوى في الجودة وأقلها مخاطرة يرمز بـ AAA، وقمة المخاطرة بـ D، وبحسب الكثير من الخبراء الماليين تراجعت مصداقية وكالات التصنيف الائتماني بعدما ثبت عدم حياديتها وافتقارها للموضوعية عند إصدار التقييمات لبعض أسهم وسندات الشركات وبالأخص التصنيفات السيادية لبعض الدول، مدللين على ذلك بأداء هذه الوكالات خلال الأزمة المالية الأخيرة.
مما لا يدع مجالاً للشك، فإن التصنيف العالي الذي حققته المملكة بتقليص الدين العام ورفع مستوى التصنيف الائتماني إلى AA يعني أن مستوى المخاطرة في السوق المحلية انخفض بشكل كبير، ويعكس مدى تحسن الاقتصاد الوطني في ظل الرعاية التي توليها حكومة خادم الحرمين الشريفين للاقتصاد الوطني عبر الاستثمارات في مدن صناعية واقتصادية ساهمت في دعم مستوى الاقتصاد ورفع مستويات التعامل في السوق إلى أقصى حد، في ظل هذه القراءة، السؤال الذي يطرح نفسه هو:
ما حصة السوق السعودية من الاستثمارات الأجنبية المباشرة؟ وما أفضل الخطوات المتبعة للوصول إلى هذا الهدف؟
بقراءة عابرة فقد حققت المملكة ارتفاعا واضحا في حجم الاستثمار الأجنبي الذي وصل إلى أكثر من 188 مليار دولار خلال سبع سنوات بمتوسط 27 مليار سنويا بعد أن كانت التدفقات للاستثمار الأجنبي تقارب 12 مليار دولار في الفترة مابين الثمانينيات إلى عام 2004، وبما أن السوق السعودية والتي تقل فيها المخاطرة وترتفع فيها العوائد نسبياً يفترض أن تمثل بيئة خصبة لاستقطاب رؤوس الأموال. فمن المعروف عن رؤوس الأموال أنها تنتقل الى الدول التي يتحقق فيها هذان العنصران، إلا أنه ما زال هناك هاجس وتخوف من قبل المستثمر الأجنبي لدخول السوق السعودية. على الرغم من جميع ما سبق، فلا يزال هناك الكثير من العمل الذي تنتظره رؤوس الأموال الأجنبية في مجال التشريعات ومستوى البنية التحتية. بالأمس القريب تحدث جمع من الماليين والمصرفيين الأجانب الذين شاركوا في المنتدى الثاني للأوراق المالية في الرياض العام الماضي، أكدوا وجود أربعة مخاطر تهدد دخول الاستثمارات الأجنبية للسوق السعودية: أولها اعتماد المملكة على العوائد النفطية بشكل كبير، نسب بطالة مرتفعة، وبطء الأسواق المنبثقة كسوق الصكوك، وهذه المخاطر الثلاث تعد الرئيسة فيما الخطر الرابع والمؤثر بشكل كبير هو الأحداث السياسية التي تحيط بالمنطقة.
وحسب بعض التقديرات فإن الفائض المتوقع خلال السنوات الثلاث المقبلة سيبلغ 582 مليارا “بينما من المتوقع أن تتساوى العائدات مع النفقات خلال عام 2018″، مما يعني أن الدولة لن تستطيع الاستمرار في سياستها التوسعية في الإنفاق على مختلف القطاعات، كما كان الحال في الميزانيات للأعوام القلائل الأخيرة. وهذا يعني أن دور القطاع الخاص في حل العديد من التحديات التنموية مثل: البطالة وقضايا الإسكان والرعاية الصحية ستتضاعف في الفترة القادمة. إننا الآن امام مفترق طرق، ولابد من اختيار الطريق التي ستؤدي بنا إلى بر الأمان، هذا إذا ما علمنا أننا اليوم في عالم متعدد الاقطاب يعاد تشكيل ميزان القوى الاقتصادية فيه بشكل متسارع.
فهل يا ترى توجد لدينا خطة واضحة المعالم للاستفادة من الفائض بشكل أكبر خلال المدة المتوقعة وتحسين كفاءة رأس المال المستخدم، ففي أي القطاعات سيتم استثمار هذه الفوائض؟ وما نصيب كل قطاع؟ وما مدى العائد المتوقع على كل قطاع من هذه الاستثمارات؟.
هي تساؤلات مطروحة على الساحة منذ سنوات ولكننا اليوم نعيد طرحها نظراً لحساسية الفترة التي تمر بها وتأثيرها الكبير في الوضع الاقتصادي للبلاد في المرحلة القادمة، فإلى متى سنظل دولة المصدر الواحد؟ وإلى متى سيظل القطاع الخاص والذي يشكل ما نسبته 40 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي مدفوعا بشكل رئيس من قبل الإنفاق الحكومي.
جل ما أخشاه هو أن نفرح كثيراً لبيانات صدرت تحمل الكثير من البشرى ونتناسى الكثير الذي بين السطور، وأقولها لكم أيها السادة اقرأوا الذي بين السطور لتعلموا حجم المسؤولية ومقدار العمل والجهد الذي يجب بذله.
نقلا عن الاقتصادية
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال