الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
أعتدنا كمتابعين ومحللين لأوضاع الشركات في السوق السعودي على التعامل مع بيانات مالية تم قياس أصولها وفقاً لتكلفتها التاريخية ، ولنبسط الموضوع لغير المختصين فلنفرض ان شركة ما اشترت قطعة ارض بمليون ريال منذ 10سنوات وقيمتها الحالية في السوق قد تجاوزت الخمسة ملايين ريال فإنها ستظهر ضمن ممتلكاتها في قوائمها المالية بقيمتها الأصلية (التاريخية) دون اية إعتبارات لتغير قيمتها عبر الزمن ..!
***
وهذا التقرير بالقيم التاريخية ينسحب على معظم عناصر القوائم المالية، وهي القاعدة المطبقة في المملكة حيث اهتمت المعايير المحاسبية السعودية عامة بسلامة الإجراء المحاسبي على حساب واقعية نتائجه ، الأمر الذي لا يظهر المركز المالي للشركة على حقيقته تماماً ولا يساعد المستثمر الذي يبحث عن “القيمة العادلة” عند اتخاذ قراراته الإستثمارية وهذه الفجوة تزداد بالطبع كلما ابتعدنا عن سنة تأسيس الشركة.
***
ومع السماح المتوقع لإجازة إعادة تقييم الأصول والممتلكات والعقارات بقيمها العادلة (السوقية العادلة ) Fair Value ولحالات وبشروط محددة بعد التحول إلى المعايير المحاسبية الدولية و اكتمال توافر البنية الأساسية للتقييم والتثمين سيتبع ذلك تغيرات كبيرة في القوائم المالية سلباً لبعض الشركات وإيجاباً لشركات أخرى . فمثلاً الشركات التي تملك عقارات مشتراة قديماً ستتضاعف قيمها على الأغلب وبالتالي ترتفع قيمة أصول وموجودات الشركة، وقد يقع المحللين الماليين في حيرة في تفسير بعض مؤشراتها المالية . وهنا ربما يلاحظ المحلل المالي مثلاً ارتفاع حجم الأصول وحقوق الملكية دون ان يكون هناك تدفقات نقدية في مقابل ذلك ، وكذلك قد تنخفض مؤشرات العائد على الإستثمار و حقوق الملكية ROI & ROA حتى مع عدم حدوث تغير سلبي في مستوى الأرباح عن الأعوام السابقة !
***
من جانب آخر، سيؤدي السماح في السوق السعودي الإختيار بين نموذجين للقياس إلى خلل في خاصية المقارنة بين المنشآت عندما تختار بعضها (التكلفة التاريخية) وتختار اخرى في نفس القطاع اسلوب (القيمة العادلة) .
***
وبطبيعة الحال، لا يعني الإنتقال للتقرير بالقيم العادلة ان القوائم المالية ستعكس الحقيقة المطلقة ، فالاسعار في الأسواق لا تعكس بالضرورة القيم العادلة للأصول ومن جانب آخر فبعض انواع الأصول ليس لها اسواق نشطة يعول عليها . وفي نهاية الأمر، يجب ان يدرك مستخدمي القوائم المالية ان العناصر المفصح عنها في تلك القوائم تم قياس قيمها في ضوء المعلومات المتوافرة ، لذلك وحتى لا يذهب المحلل المالي وقارئ القوائم المالية بعيداً في تفسيراته وتحليلاته عليه ان يفهم كيف صنعت هذه القوائم المالية. فـ ” المحاسبة” وهي المسئولة عن تشغيل وقياس وإنتاج المعلومات المالية لا تدًعي ان ذلك “القياس” لعناصر القوائم المالية علمياً 100% . والمحلل المالي المحترف المتمكن من أدواته يجب ان تكون لديه معرفه محاسبية جيدة ومعقولة قبل ان يطبق معادلاته الرياضية حتى يستطيع تفسير نتائجها بالشكل السليم.
***
ومن الجدير بالذكر ان تقييم الأصول بالقيمة السوقية العادلة قد لا يناسب كل مستخدمي التقارير المالية، فمن يرغب الاستثمار في شركة صناعية على سبيل المثال يهمه قيمة (منفعة) تشغيل الأصول و مقدار ما تعطي من منتجات وتدفقات نقدية مستقبلية وتكون قيمة البيع اللاحق عنده ذا أهمية أقل.
***
وختاماً ، وبعيداً عن الجدل المثار عن “عدالة” القيم العادلة ، إلا إن المشاكل الموجودة في بعض أسواق الأصول قد تنتقل إلى القوائم المالية وهذا يجعلها عرضة لتذبذبات وحركة السوق الغير واقعية أحياناً ، وهنا تظهر مهارة المحللين الماليين و وصناع القرار الذين يبدون مرونة في التفريق بين آداء الشركة وفوضى الأسواق.
***
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال