الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
AbdullahHabter@
استكمالا للمقال السابق والذي تحدثت فيه عن سوق تم فيها تسويق المخاطر بنجاح وبراعة، جنى منه أولئك المسوقين مكاسب كبيرة لازالوا يُحصون أرباحها إلى اليوم، في هذا المقال سنتطرق لسوق آخر وجد المسوقين لمخاطرهم طريقا ممهدة وتسويقا أكثر تفاعلا وإثارة من سابقه فقد استقطبوا شريحة كبيرة من الراغبين في الحصول عليها.
في عام 2003 بدأ الناس يتداولون في مجالسهم ومنتدياتهم حديثا لا يكاد يخلو يوما منه، حول سوق البورصة – الأسهم – مع أن تلك السوق ليست بالجديدة ، بل لم يكن يُلتفت إليها من قبل، وبدأ البعض يتحدث عن المكاسب التي كسبها من المضاربات اليومية ، وعن قدرته في اقتناء الفرص، وازداد الحديث بشأن الأرباح التي يُتحصل عليها في دقائق معدودة ودون عناء، مما جعل الكثير يسعى في أن يكون له نصيبا من تلك المكاسب، واستمر المؤشر في الصعود وازدادت وتيرة المضاربات وبدأت السيولة تتدفق للسوق، وفي خضم ذلك بدأت المخاطر تطل برأسها مرة أخرى وبدأت تداعب الكثير من المضاربين وتمكن كبار المضاربين والمسوقين من تحفيز الطلب مرة أخرى، وبدأ الناس يسعون بإرادتهم إلى مخاطر التمويل – الإقراض – مرة أخرى، فرهن البعض أملاكه، ورضي الآخر بالاستقطاع من دخله أملاً في الحصول على السيولة ، فقد تم التسويق ببراعة وقدمت تسهيلات أكثر مرونة، وتسارعت مبالغ التمويل إلى محافظ المضاربين بسرعة غير معهودة وكأن المسوقين يخشون تراجع المقترضين عن طلباتهم.
أن إغراءات السوق والمكاسب التي تحققت للكثير جعلت السواد الأعظم من المضاربين يغفلون عن تساؤلات مهمة ربما كانت الإجابة عليها كفيلة بإذن الله في أن يتفادى الكثير منهم تلك المخاطر بل ربما يبتعدون عن السوق فترة حتى يستعيد توازنه وحجمه الطبيعي.
لقد كانت هناك علامات خلل واضحة المعالم فقد أصبح سعر أي السهم بلا استثناء يتم تداوله عند أسعار خيالية تفوق ربحه مئات المرات، بل إن بعض الشركات يتم تداول أسهمها رغم أنها لم تسجل أرباحا قط، كما أن الصعود المستمر والمخيف لمؤشر السوق دلالة واضحة على كارثة وشيكة.
ثم حدث الانهيار المفاجئ عام 2006 والذي كان في أحداثه شبيها بانهيار كل من بورصة وول ستريت 1929 والذي سمي ذلك اليوم بالخميس الأسود، والبورصة الأمريكية عام 1987 والذي سمي ذلك اليوم الاثنين الأسود، فقد فاقت الأسهم المعروضة على طلبات المتداولين، نتيجة لإقبال المتعاملين في السوق على البيع الأمر الذي أدى لتسييل المحافظ.
إن السوقين اللذين تطرقنا لهما بإيجاز استطاع من خلاله أصحاب المصالح أن يروجوا لشائعات مهدت الطريق لمخاطر التمويل وأوجدت لها سوقا سهلة تفنن المسوقون في عروضهم، وتمكنوا من إثارة الطلب وتحفيزه فكانت الصفقات تتم في السوق دون أي تعقيدات تذكر.
إن ما يحدث الآن من ركود في السوق العقارية وشائعات تُبث بين الحين والآخر إيهاما بأن السوق ستعاود نشاطها وأن الأسعار لن تنخفض بل قد ترتفع مجدد، إضافة لما يحدث من حركة في سوق البورصة وعودة عروض الإقراض وانخفاض نسب تمويل لمخاطر -القروض- ليعطي مؤشرا واضحا عن تسويق لم يجد طريقه بعد، ولكن كن أكثر صبرا وضع أصبعك في أذنك ولا تصغ لتلك الشائعات ولا تلتفت لإعلانات المخاطر وانتظر مع المنتظرين.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال