الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يمكن قراءة صورة «أحد المستودعات بمحافظة جدة المتخم بالمكيفات والأجهزة الكهربائية المخالفة للمواصفات والمقاييس والجودة» المبثوثة للصحف من قبل «فرق التفتيش التابعة لوزارة التجارة» بطريقتين: إحداهما «قراءة انطباعية» مرتبطة بانفعالاتنا أو ردة الفعل الأولية تجاه صورة ما أو حدث ما، فتعبر مشاعرنا عما بث بالغضب الحاد على «رجل الأعمال» الذي يريد بيع بضاعته الفاسدة علينا، والرضا التام على فرق التفتيش التي ستغلق المستودع بالشمع الأحمر وتصادر المكيفات الفاسدة لحمايتنا.
والثانية قراءة نقدية تبحث عن القصور أو النقص في الصورة أو العمل، لتساعد المؤسسات، أو وزارة التجارة لتطوير أدائها، وللأمانة التاريخية الوزارة بدأت تعمل بشكل أفضل منذ قدوم الوزير الجديد الدكتور «توفيق الربيعة».
من القراءة الثانية «النقدية» للصورة والخبر، ستكتشف أن «المركز الإعلامي للوزارة» أرسل خبرا ناقصا، أو سكت عن بعض المعلومات، أو هو لا يملك إلا هذه المعلومات والصورة فبثها كما هي للصحف.
فالصورة وحدها فقط تخبرك أن عشرات الأطنان من «المكيفات والأجهزة الكهربائية المخالفة للمواصفات والمقاييس والجودة» الموجودة بالمستودع، جاءت عن طريق سفينة تجارية «سفن الحاويات تتسع لمئات الأطنان»، تحتاج لميناء خاص ومعدات خاصة «رافعات عملاقة» لتفريغ حمولتها.
وهذه الموانئ الخاصة في كل الدول مسورة بالكامل، على أبوابها حراس مسلحون «رجال الجمارك»، لن يفتحوا أبوابها لدخول البضائع ما لم تكتمل أوراق الفسح، وأنها مطابقة «للمواصفات والمقاييس والجودة».
بعبارة أوضح: الصورة تخبرنا أن ثمة شريكا لصاحب المستودع الذي يغش المواطنين ببضاعته الفاسدة، وهذا الشريك يعمل داخل الميناء، والذي يمكن تسميته مجازا بحامل الأختام أو كلمة السر لفتح بوابة الميناء للبضائع غير المطابقة «للمواصفات والمقاييس والجودة»، لتذهب للمستودع الذي تم مداهمته من قبل «فرق التفتيش التابعة لوزارة التجارة».
لكن الخبر المرافق للصورة لا يحدثنا عن «حامل الأختام»، وما الذي حدث له، وهل ما زال يحتفظ بالأختام أو كلمة السر لفتح بوابة الميناء أو مغارة «علي بابا» للأربعين حرامي؟
خلاصة القول: إن حملات فرق التفتيش التابعة لوزارة التجارة تدخل ضمن إصلاح فساد الماضي، بيد أن الوزارة وفرق تفتيشها سيتم إنهاكهم مع الوقت، ما لم تضع حدا للشريك حامل الأختام أو كلمة السر لفتح بوابة الميناء أو مغارة «علي بابا» للأربعين حرامي.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال