الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
عهدنا بجمعية خريجي جامعة إم آي تي التي تحت قيادة محمد بكر تكاد تصبح مؤسسة وطنية بدعوة أحد الشخصيات المهمة، وكان ضيف اللقاء الرئيس التنفيذي لـ “سابك” محمد الماضي. في خلال ساعة أو أقل استطاع بسلاسة وراحة الخبير المرتاح الانتقال من المراحل التاريخية إلى أبرز التحديات الاستراتيجية التي تواجه “سابك”. للماضي وفريقه ومن سبقهم دور حاسم فيما أنجز، فمثلا ذكر أن “سابك” بدأت برأسمال خمسة مليارات ريال ووزعت في السنوات الماضية 124 مليارا على الملاك. أخذ الحوار جانبا مستحقا من التساؤل حول طبيعة الدعم وعلاقته بالأرباح. تحقق “سابك” أرباحا أكثر من الشركات العالمية مثل باسف ودوبانت وداو كيميكال لعدة سنوات متواصلة، وهذه شركات أقدم وأكثر عمقا تقنيا وأقرب إلى الأسواق المؤثرة. محاولة تفسير الفرق في الربحية تقود في الأخير إلى أسئلة اقتصادية أعمق وعلى أكثر من مستوى.
يفرق الاقتصاديون عادة بين الربح الاقتصادي وما يسمى الربح الإجاري “economic rent” أي الأرباح التي دعنا نقول تجاوزاً إنها غير اقتصادية (بسبب الدعم وبالتالي غير مرتبطة بالأداء)، جوهرة الدعم تأتي في تسعير الغاز. يزداد الموضوع تعقيدا حين نحاول الفصل بين دعم الصناعة الضروري في المملكة وتحجيم وتسعير الطاقة المحوري في إدارة اقتصاد المملكة وأفضل السبل لتوظيفها. الصورة الاقتصادية اليوم تتلخص في توظيف متصاعد للنفط الخام لإنتاج الكهرباء والماء، بينما لا يكفي الغاز لخدمة الصناعة والمنافع. تقابل أرباح “سابك” وغيرها من الشركات خسائر لشركة الكهرباء والماء، لذلك تصبح أرباح الشركات البتروكيماوية محل تساؤل لمن ينظر إلى محفظة المملكة إجمالا. هناك حاجة ماسة إلى أن تستمر “سابك” وغيرها في تحقيق أرباح لمزيد من النمو الاقتصادي وتسريع اختراق تنموي مقابل توظيف الموارد النفطية المكلف وغير القابل للاستمرار. الفرق بين أرباح “سابك” وأرباح الشركات العالمية المماثلة التي لا تتلقى دعما يمثل الجزء من الربح غير الاقتصادي. فصل الأرباح تحدٍّ تحليلي ولكنه في صلب النظرة إلى قدراتنا التصنيعية.
ما الحل؟
نحن في حالة من عدم التوازن ولذلك لا بد من خطوات استباقية حان وقتها. يزداد الموضوع تعقيدا إذا عرفنا أن “سابك” استطاعت بكفاءة التوسع عالميا وتعميق المعرفة بحثيا، ولكن هذا غير متوافر أو ممكن بكفاءة للشركات الصغرى. الحل الأمثل هو ذلك الذي يعظم المصلحة الوطنية الشاملة في المدى البعيد وليس من خلال مفاضلة محاسبية خادعة. لذلك لا بد من عدة خطوات ولكن حثيثة، الأولى دمج الشركات الصغيرة في مؤسسة كبيرة لكي تكون هناك ثلاث شركات (سابك وأرامكو البتروكيماوية – هذه خطوة مستحقة هيكليا نظرا إلى كبر حجم “أرامكو”، والشركة الناتجة عن الدمج)، الخطوة الثانية إعادة تسعير الغاز تدريجيا بحيث يكفل قدرا من الربحية لهذه الشركات بما يمكنها من إعادة الاستثمار الرأسمالي لمواصلة النمو (نقطة التعادل أن تكون أرباح “سابك” وغيرها قريبة للشركات الدولية المماثلة بما يحمل ذلك من تحفيز للإنتاجية والإبداع)، وثالثا، تحويل عوائد الغاز أو الغاز الفائض إلى قطاع الكهرباء والماء. رابعا، لا يمكن فصل الطاقة عن الصناعة، ولذلك ليس هناك مهرب من إعادة النظر في تسعير المنافع وهذه مادة لعمود آخر.
نقلا عن الاقتصادية
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال