الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
أصبح تحول الشركات العائلية الى شركات مساهمة عامة خياراً إستراتيجياً لتستمر كياناتها الإقتصادية خاصة عندما يرحل جيل المؤسسين وتتوسع أعمالها وينشأ الخلاف في طريقة إدارتها ، فطرح الشركة للإكتتاب سيجلب المزيد من الأموال ويوزع المخاطرة التي كانت تتحملها العائلة وحدها ليشمل أطراف جديدة.
قبل ان تفكر في الإستثمار في الشركات العائلية عليك التعرف على بعض الخصوصية الإئتمانية التي كانت تحظى بها هذه الشركات حيث يتلقى كثير منها تسهيلات بنكية وقروض دون تقييم جاد لملاءتها المالية اعتماداً على سمعة أصحابهاName lending ، وهنا يجب على المستثمر التأكد من قدرة الشركة الحقيقة على الوفاء بإلتزاماتها و توليد تدفقات نقدية تمكنها تيسير أمورها و الوفاء بإلتزامتها بعد تحول شكلها النظامي إلى شركة مساهمة وتتعامل مؤسسات التمويل معها على هذا الأساس .
من جانب آخر ،ولكون هذه الشركات قائمة وذات أصول ومنتجات معروفة في السوق فإنها لن تسمح للمساهمين بالدخول و مشاركتهم استثماراتهم الا برسم دخول في الشركة يعرف بعلاوة الإصدار والذي يذهب للاحتياطي النظامي للشركة في حال الطرح بزيادة رأس المال أو يذهب لجيوب أفراد العائلة البائعين في حال بيعهم أسهمهم مباشرة للمكتتبين وليحصلوا في هذه الحالة على ثروات كبيرة جراء تنازلهم عن 30% فقط من حصتهم.
وهذه العلاوة النظامية حق كفله نظام الشركات السعودي الذي اجاز بيع السهم بقيمة تتجاوز قيمته الأصلية (الإسمية) بهدف تحقيق التوازن بين المساهمين القدامى والمساهمين الجدد . وهذا كله مفهوم ولا غبار عليه . المشكلة تكمن في مقدار هذه الزيادة (العلاوة) ومدى (عدالتها) ، فالكثير من المساهمين المكتتبين يعتقدون انهم استغلو بعلاوات إصدار مبالغ فيها اثرت المؤسسين على حسابهم خاصة ونحن نشاهد شركات كثيرة انخفضت قيمة أسهمها إلى مستويات سعرية تشير إلى خلل في تقدير قيمة علاوة الإصدار.
وفي هذا السياق، وبغض النظر عن الآليه المستخدمة في قياس علاوة الإصدار فإنه لا يمكن الجزم بانها صحيحة او مقاربة للواقع، فسواء تم تقييم الشركة وحساب علاوة الإصدار من قبل مستشاريين ماليين منحازين – بالطبع – الى العائلة المالكة للشركة (وحيث لاينشر تقرير التقييم لسعر السهم) او من خلال دعوة مؤسسات مكتتبة في عملية (بناء سجل الاوامر) من خلال طرح قيمة السهم فيما يشبه المزايدة بينهم ليفوز من يقدم أعلى سعر وهو يعلم سلفاً أن الجمهور لن يخذله وسيتكفل بباقي المهمة ، فعدد من المؤسسات المالية المكتتبة تحكمها اهداف مضاربية بحته وبالتالي فموثوقية التسعير بناء على سجلات الاوامر مازالت متدنية خصوصاً في ظل عدم إلزام المؤسسات المكتتبة بالإحتفاظ بالأسهم لفترة زمنية محددة (ستة أشهر مثلاً) حتى تظهر مصداقية تلك الأوامر. وفي احسن الأحوال ، من يضمن ان لا يكون هناك سوء قراءة لواقع الشركة ومستقبلها من قبل المؤسسات المُسعره .
ولعل من المناسب هنا ان نشير إلى ان بعض الإقتصاديين يتفق مع هيئة سوق المال في ترك تقييم عدالة علاوة الإصدار في النهاية لقوى العرض والطلب في السوق وكذلك الألية الدفاعية المتمثلة في متعهد التغطية (ضامن الإكتتاب) الذي يهمه ان يكون سعر الطرح وعلاوة الإصدار عادلين لانه سيكون عليه شراء الاسهم التي لم يكتتب فيها ، إلا انه لا يعول في سوقنا على تلك الآليه كثيراً ، فالواقع يقول ان فرص الإستثمار امام الجمهور محدوده وسيولتهم عاليه وخبراتهم قليله فبسهولة يتم تغطية جميع اسهم أي شركة جديدة تطرح للإكتتاب في السوق السعودي سواءً كانت مستحدثة او متحولة بعلاوة اصدار او بدونها . وهذا يعني ان ليس من دور حقيقي يلعبه ضامن الإكتتاب في زيادة موثوقية سعر السهم وعلاوته.
في كل الاحوال قد لا تكون الخسارة جسيمة بالنسبة للمكتتبين الافراد حيث ان مايحصلون عليه عادة هو عدد قليل لايتجاوز بضعة أسهم للمكتتب ، ولكن قد يكون المتضرر الأكبر هو المستثمر الفرد الذي اشترى مجموعه كبيرة من اسهم الشركة مباشرة بعد السماح بتداولها وقبل ان تستقر اسعارها .
دعونا ننتقل الى امر مهم آخر في الإستثمار مع الشركات العائلية المساهمة ، فحتى مع طرح الاسهم للاكتتاب العام ووجود جمعية عمومية تحكم آداء الشركة ، الا ان القوة الحقيقية والسيطرة التامة على القرارات وتوجية نشاط الشركة مازال باقياً في يد العائلة وهذا أمر غاية في الخطورة . فالشركة التي استثمر فيها الجمهور بناء على نجاحاتها في الماضي قد يتفاجئون بعد فتره من الزمن تحقيقها لخسائر تشغيلية اوانخفاض في مستوى دخلها ، ولو بحثت في الأسباب بشكل معمق لو جدت ان الشركة قامت بالتخلص من (سلخ) بعض قطاعاتها وخطوط انتاجها الرابحة على فترات زمنية تحت حجج متعدده ، ومن ثم بقدرة قادر تظهر شركات في السوق يملكها ابناء العائلة تمارس ذات النشاطات التي تخلصت منها شركتهم المساهمة !
وخاتمة القول، يفضل ان يتريث المستثمر في شراء اسهم الشركة العائلية المساهمة حتى تمضي فترة كافية يمكن من خلالها الاطمئنان الى توجهات قيادتها والحكم على حسن إدارتهم لأموالها !
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال