الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
أثار ملتقى حكومة الشركات العائلية الذي عقد في جدة العديد من النقاط المهمة. فنحن نعرف أن نسبة لا يستهان بها من الشركات المسجلة في بلدنا هي شركات عائلية وأن حجم الأموال المستثمرة فيها يزيد عن 340 مليار ريال. ورغم ذلك فإن نسبة مساهمتها في الاقتصاد 12% لا ترقى إلى المستوى العالمي الذي يصل فيه نصيب الشركات العائلية إلى 70% من الناتج القومي الإجمالي. من ناحية أخرى فإن الشركات العائلية في المملكة تحظى بمكانة خاصة شأنها شأن الأسرة التي تعتبر عماد المجتمع. وعلى هذا الأساس فإنه من الضروري العمل على حل التناقضات التي تعاني منها هذه الشركات حتى يتسنى رفع نسبة مساهمتها في الاقتصاد إلى نفس المستوى الذي تحتله الأسرة في المجتمع.
وأعتقد أن الشركات العائلية في المملكة تواجه تحديات ليست سهلة. فالرعيل الأول، الذي يستحق بكل جدارة أن يسمى بالجيل الرائد والمبادر، قد تقدم به العمر، بل إن بعضهم قد غادرنا إلى الدار الآخرة. وهذا من شأنه، إذا لم تتخذ بعض الإجراءات الاستباقية، تهديد استمرارية تلك الشركات بعد رحيل الجيل المؤسس. ولهذا فإن هذه الشركات مدعوة، طالما مؤسسوها على قيد الحياة، للاستفادة من المكانة المرموقة والاحترام الذي يحظى به الرواد، والذين هم في الوقت الراهن إما آباء أو أجداد، إلى إرساء القواعد التي تجنب تلك الشركات المخاطر التي قد تواجهها في المستقبل. والتجربة العالمية ستكون لهم خير معين في هذا المجال.
وهكذا فإن الشركات العائلية على المستوى القريب يفترض أن تبادر إلى الأخذ بأسس ومبادئ حوكمة الشركات في تعاملاتها اليومية. وهذا يتطلب أول ما يتطلب إنشاء أجهزة تنفيذية متطورة ومجالس إدارات منفصلة عن بعضهما البعض. وفي حال عدم وجود تلك المجالس فإنه من الأجدى أن لا يكون أصحاب الشركات هم مديروها التنفيذيون. فإحدى الضمانات لاستمرار عمل الشركات، حتى في حال رحيل مؤسسيها، هو وجود هيكل تنظيمي مناسب وجهاز إداري متطور قادر على توجيه دفة الشركة بكفاءة.
أما على المستوى المتوسط والبعيد فإن الشركات العائلية مدعوة من أجل الحفاظ على استمراريتها للانتقال إلى شركات مساهمة مغلقة في البداية ومفتوحة ربما فيما بعد. فهذا من شأنه أن يمنع أو على الأقل يحد من الخلافات التي قد تنشأ بعد رحيل الجيل المؤسس. ولذا فإن توجه بعض الرواد إلى المقام السامي بهدف إنشاء سوق مالية منفصلة لتلك الشركات هو خطوة سوف تكون لها تبعاتها الإيجابية إن شاء الله. فإنشاء مثل تلك السوق قد تكون من الأمور المشجعة للشركات العائلية على تطوير عملها وزيادة مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي.
بقيت كلمة أخيرة في هذه العجالة وددت الإشارة لها وهو دور الغرف التجارية. فعلى ما يبدو لي فإن غرفنا التجارية يمكنها مساندة الشركات العائلية من خلال تشكيل لجان لهذه الشركات وإنشاء مراكز أو إدارات متخصصة لخدمة تلك اللجان.
نقلا عن الرياض
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال