خطورة السعودة الوهمية

حين صدر قرار قصر البيع في سوق الخضار على السعوديين، قبل سنوات عديدة، ذهبت مع صديق إلى سوق (عتيقة) وجدنا ستة من الآسيويين لديهم ستة مباسط، كانوا قلقين ينظرون يميناً وشمالاً سألتهم: مابكم؟ قالوا: ننتظر السعودي يجي قبل البلدية! ثم صرخ أحدهم فرحاً: (سعودي يجي!) فتسابقوا لاستقباله وأجلسوه على مقعد وثير وقدموا له رأس معسل وكوب شاي ثقيل، وضع رجلاً على رجل ونفث دخاناً كثيفاً ثم شرب من الشاي الثقيل.. كان سميناً خفيف دم.. قلت: ماذا تعمل هنا؟! قال ساخراً متبرماً: (أغطي على هالهنود والبنغال أمام البلدية! المحلات باسمي أنا واخواني! قال صديقي: ونعم! والمقابل؟ قال: ثلاثة آلاف ريال كل شهر! قلت: مقابل؟! قال: مقابل ساعة اجلس معهم كل يوم أجر الرأس واشرب الشاي! قلت: (خوش!!) هل هم تحت كفالتك؟ اخرج (اللي) من فمه وقال: لا إن شاء الله! وافكر أتركهم تعبت! قلت: بعد؟! انت جالس على كرسي تعمر وتشرب الشاي! أجاب: ولو!.. جرب! قلت: هذا تحايل على النظام.. انظر للسعوديين يبيعون في الخضار ويحملون الكراتين للزبون! رد: ما علي منهم!

هذه صورة قديمة مصفرة للسعودة الوهمية والتي انتشرت بعد قرارات وزارة العمل الصارمة، وهي قرارات صائبة ومصيرية، لكنها لن تؤتي ثمارها الا بمحاربة جادة للسعودة الوهمية فإن كثيراً من المؤسسات يسجل أصحابها بناتهم واخواتهم وأقاربهم ليدخل النطاق الأخضر وهم لا يعملون أبداً.. وفي هذا بطالة مقنعة أسوأ من البطالة السافرة، لأنها تعود كثيراً من المواطنين على الكسل وعدم القدرة على العمل والاكتفاء بفتات من أصحاب المؤسسات يمضونه على مرتب 3000 ويقبض 1000 أو 500 ريال فقط وهو نائم..

إن سعودة المتاجر وسيارات الأجرة سعودة حقيقية كاملة أمر لا مفر منه والا انتشرت البطالة المقنعة والسافرة انتشار النار في الهشيم.. إن السعوديين جادون في العمل إذا وجدوا أرباحاً مجزية في التجارة أو سيارات الأجرة، أما مجرد السعودة الوهمية فهي تقتل الطموح وتظلل المسؤولين.

* توضيح..

تردني بين الحين والآخر اتصالات حول وجود حسابات شخصية لي في مواقع التواصل الاجتماعي، وأحب أن أوضح للجميع أنه لا يوجد لدي أي حساب شخصي في تلك المواقع، وغير معنيّ بأي مواضيع أو آراء تكتب في صفحات التواصل الاجتماعي وتحمل اسمي.
نقلا عن الرياض