الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
مرّ تقرير اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا والتابعة للأمم المتحدة حول التكامل العربي كومضة على شريط الاخبار المزدحم بمواجع المنطقة وأبنائها. كما مر الحوار الذي استضافه مركز كارنيجي الشرق الأوسط والتابع لمؤسسة كارنيجي للسلام الدولي أيضا مرور الكرام. هذا المرور السريع لبارقة أمل من السلم في المنطقة لم يعد يؤخذ على محمل الجد من أبناء المنطقة العربية. وبالتالي كأننا استسلمنا كأحجار الشطرنج لقوى خارجية تحركنا حسب مصالحها. وهنا بيت القصيد تكاملت مصالحنا مع الغريب وتباعدت مع العربي القريب، وبالتالي اصابت تلك السيدة التي قدمت للحوار الذي القى كلمته الرئيسية رئيس الوزراء اللبناني الأسبق فؤاد السنيورة. قالت تلك السيدة بحسرة مشوبة بأمل إن هناك من يعتبر هذا التقرير ترفا فكريا او هروبا من واقع أليم بل هو محاولة للقفز على واقع مرير.
ولعل واقعنا الذي لم نعد نسمع فيه الا أصوات الرصاص ونشاهد مناظر القتل للنساء والأطفال والشيوخ وليس للمتقاتلين فقط جعل المنطقة عرضة للاستباحة للارهاب والتطرف والتفتيت وغيرها من شتى أنواع المؤامرات الخارجية التي لم نعد بحاجة للتكهن بوجودها لأن من بيننا من هو احرص على تنفيذ اجندتها وإعادة ساعة نهضتنا المتخلفة الى الوراء كثيرا. يا له من واقع مؤلم حتى الحلم عبر تقرير من مؤسسات دولية تحيي فينا الامل في ظل مؤسسات دولية أخرى تدق اسافين الفرقة بين المتناحرين. أجمعت تلك التقارير على ان منطقتنا ليست صافية من حيث الأعراق والمذاهب والتوجهات والمصالح وغيرها كثير ما يعني اننا لا نملك مقومات كف الأذى عن بعض الا بتوسيع وتعميق التكامل في المصالح العربية. فالبحث عن المشترك بيننا اهم بكثير من البحث عن الاختلاف، والمشترك يعزز المصالح. والالتفاتة السعودية الامارتية والكويتية الى الشقيقة مصر كان بارقة الامل التي تجعلنا نرى النور آتيا من نفق مصر والذي كاد ان ينطفئ ليصبح الظلام الدامس هو المهيمن على المشهد. وكذلك المساعدة الإنسانية السعودية للعراق بعيدا عن الطائفية هي تعبير أمل آخر. ولكن هذه الرسائل القصيرة جدا في حفل صاخب بالفوضى العارمة لا يمكن ان تُسمع وفرص التكامل لا يمكن ان تُرى.
اصبحنا نعيش الخوف والشك ونريد ان نخرج بحلول عملية من أبناء المنطقة. فهل يمكن ان نرى النور في مراكز بحثية عربية مشتركة تحيي فينا الامل او على الأقل نضحك بها على انفسنا الى ان نصدق كذبتنا؟!فلنكذب عربيا عبر تأسيس مراكز تحمل أسماء طنانة قد يخرج من احدها شيء للتاريخ المستقبلي للمنطقة. ولنبدأ بمركز التكامل العربي. وطالما ان السيد فؤاد السنيورة اول من تحدث فيه فليكن معه بعض من مارس العمل السياسي والاقتصادي والعلمي العربي فخرج من ضغوط وظيفته واصبح حرا في تفكيره. اما لماذا؟ فأقول لأن الذئاب تبدأ بالحديث عن الحكمة حالما تفقد انيابها. ولعلها نافذة لترجمة الاقوال الى أفعال تفيد الجسد العربي المنهك حتى بات كمقبرة تمتلئ بالرفات والحشائش او الحديقة الميئة بالاعشاب الضارة كما يقول الزميل محيي الدين اللاذقي ويكرر على لسان شاعر الانجليز تشوسر” ان الاقوال غير المترجمة الى أفعال تشبه تلك الحديقة ويجب اقتلاع تلك الضارة منها ولا تسألني عن المزيد من التفسيرات وتدخلني في متاهة التساؤل من أين نبدأ القلع، وأي الأعشاب ضرره اكثر من غيره، فهذا ما عندي ودع الباقي للبيب”. او ربما ندع الامر لأحمد الشقيري ليدلنا في الخطوات القادمة عن حلم التكامل العربي وترجمته. والعرب تقول ولا تفعل “منازع الحق مخصوم ولا يدرك مع الحمق مطلب”.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال