الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
اقتصادية سعودية
لم يكن الفيدرالي الامريكي مُوفقاً عندما ” دلّل البنوك”على حد تعبير أحد الاقتصاديين الامريكيين وانتهى به الامر إلى أزمة مالية ظهرت بوادرها في أغسطس 2007م. والتي شهد فيها الاقتصادالامريكي أسوأ مراحله منذ الكساد العظيم .ولا أصعب و أقسى منأن ينهار عملاقا. فكان لزاماً عليه أن يواجه التحديات ويتحمل كل هذا العبء ! و لتفادي هذا الركود والانحسار الشديدين في النشاط الاقتصاديسعت السياسات الاقتصادية الامريكية بشقيها النقدية والمالية الى استخدام أداوتها لمعالجة تبعات الانهيار فأخذ الفيدرالي الامريكيبخفض معدل الفائدة الى مستويات متدنية (قريبة من الصفر) لمنحالبنوك القدرة على الاقراض، ولكن لم تكن استجابة الاقتصاد لهذا التحرك كافية. و لأنه في فترة الازمات تتقلص الخيارات لجأ الفيدرالي الامريكيإلى سياسة التيسير الكمي كأحد أدوات السياسة النقدية الغير تقليدية بهدف اعادة الانتعاش الاقتصادي عن طريق طبع النقود ومن ثم شراء أصول وأوراق مالية من البنوك والمؤسسات المالية الكبرىلضخ السيولة. واذا ماتتبعنا الخط الزمني للبرنامج نجد أنه كان متدرجاً على عدة مراحل، امتدت المرحلة الاولى من 2008 الى اواخر 2010 م. وضُخ فيها ما يقارب تريليوني دولار وتبعتها المرحلة الثانية من نوفمبر 2010 الى يونيو 2011م. حيث تم حقن الاقتصاد خلالهابـ600 مليار دولار أما المرحلة الثالثة فقدت بدأت في سبتمبر2012 والتي يُتوقع انتهاءها في أكتوبر من هذا العام. وبعد مُضي أكثر من ستِ سنوات من بدء برنامج التيسير الكمي يدور النقاش اليوم حول السؤال الاكثر أهمية هل حقق التيسير الكمي أهدافه حتى الآن ؟ و هل يمكن للفيدرالي الامريكي الإبقاء على برنامج التيسير الكمي لجولات أخرى متصلة ؟ وما تبِعات الاستمرار فيه ؟ في الحقيقة عندما بدأ برنانكي في برنامج التيسير الكمي كان يهدف بشكل رئيس الى استعادة استقرار الاقتصاد الامريكي من خلال العمل على تحسن المؤشرات الكلية أي رفع معدل النمو للناتج والتوظيف والاسعار. وبالنظر الى النتائج الاقتصادية المتحققة خلال فترة تنفيذ برنامجالتيسير الكمي واستناداً الى البيانات نجد أن هناك تراجعاً واضحاً في معدلات البطالة يدعمُها جانباً من التحسن في معدل نمو اجمالي الناتج المحلي حيث حقق الاقتصاد الامريكي معدلات نمو سنوية موجبة خلال الأربع سنوات الماضية. من جهة أخرى فإنالقراءات الاخيرة للناتج الربعي والتوظيف الصادرة الاسبوع الماضي تُعزز النظرة التفاؤلية للاقتصاد . و كل هذه البيانات في مجملها تؤكد أن هناك تحسناً في الاداء الاقتصادي الكلي وليس التعافي التام. أما فيما يخص الابقاء على سياسة التيسير الكمي هناك عدد من الملاحظات، فالاستمرار في سياسة التيسير الكمي لا تضمنالحصول على معدلات مرتفعة لإجمالي الناتج المحلي فهناك مُسبباتأخرى للنمو خارجه عن ارادة الفيدرالي الامريكي من أهمها تباطؤالنشاط الاقتصادي للشركاء التجاريين . كما أن التوسع النقدي مع تطور الاداء الاقتصادي يُثير المخاوف مرةً أخرى تجاه احتمالية”اشتعال” تضخم يصعب السيطرة عليه ، فضلا عما سينطوي على ذلك من انعكاسات على أسواق السلع والأصول وحركة رؤوس الاموال. إن انهاء أو ابقاء سياسة التيسير الكمي لايزال أحد الخيارات لدى الفيدرالي الامريكي إلا أنه لا يوجد ما يشير الان الى احتماليةاستمرار التيسير مابعد 2014 تحديدا مع بدأ التقليص التدريجي من برنامج شراء الاصول. و المؤكد أن الاقتصاد الامريكي لن يظل “يقتات” على أورقه المطبوعة الى الابد. السملق
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال