الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
هل وصل الركود في بيع الوحدات السكنية الاستثمارية ببعض مدن المملكة إلى مرحلة تقديم عروض تحفيزية غير تقليدية، ولا مسبوقة في هذا المجال، لا نكاد نراها إلا في تسويق السلع الاستهلاكية..؟
هذا على الأقل ما يوحي به استحداث بعض مؤسسات وشركات الاستثمار العقاري في هذه الايام، لاسلوب استعارته مما نراه بشكل متواصل في المراكز والأسواق التجارية، وذلك لتجاوز الركود الذي بالتأكيد تعاني منه في تصريف منتجاتها، ويتمثل هنا في تقديم سيارات بموديلات حديثة، باعتبارها عروضاً تحفيزية للراغبين في شراء منازل منها، حيث شهدت على سبيل المثال مدن المنطقة الشرقية انتشار إعلان (اشتر فيلا واحصل على سيارة هدية) جرى تداول صوره عبر شبكات التواصل الاجتماعي، مصحوبة بتعليقات ساخرة حول تردي السوق العقارية، ودفعها بعض المستثمرين لطرح طرق تحفيزية، تتمثل في شراء منتج والحصول على سلعة أخرى مقابل ذلك.
لقد اعتبر بعض المستثمرين العقاريين الدافع وراء هذه العروض هو رغبة بعض صغار المستثمرين في مغادرة السوق، نظراً لأنها تمر بمرحلة من الاضطراب، فالمعروض من الوحدات العقارية السكنية يشهد ارتفاعاً متواصلاً في قيمته لدرجة مبالغ فيها، رغم الحاجة إلى هذه المنتجات السكنية، إلا أن تداولها متوقف لهذا السبب، ومن ثم يرون أنها خطوة توحي بنية أولئك الانسحاب من السوق نهائياً، أو على الأقل تكتيكياً بتقليل نشاطهم فيه خلال الفترة الحالية نتيجة الأوضاع غير المستقرة في مجال استثماراتهم، بينما يبدي بعض الاقتصاديين وجهة النظر من جانبهم بأن هذه العروض هي واحدة من البدائل التحفيزية المتاحة التي يعتقدون أنها لا تشكل عبئاً على المستثمر، وخصوصاً أن أقصى ما سيدفعه من أجل توفير سيارة للمشتري لن يزيد على المئة ألف ريال، فيما أرباحه تفوق ذلك بعشرات الأضعاف.
وأيا كانت وجهة النظر التي تطرح في هذا الشأن، سواء من يرى أنها لا تعدو حركة تصحيح طبيعية في السوق يخرج أثناءها منه من لا يتواكب مع متطلباته، منطلقاً من محدودية أثر ذلك التصحيح، وأن شركات ومؤسسات التطوير العقاري لا يزيد إسهامها في السوق عن خمسة آلاف وحدة سكنية كل عام، لا تمثل أكثر من نسبة 2.5 % من الاحتياج السنوي المطلوب، أو من ينظر إليه من زاوية أنه عنصر آخر من عناصر التحفيز لاستقطاب المشترين للمساكن، يظل نشوء مثل هذا النوع من العروض مظهراً من مظاهر زيادة حالة التردي المتواصل في سوق الإسكان لدينا، فمؤسسات التطوير العقارية التي تتعرض لأزمات السوق، مهما بلغ حجم نشاطها، هي منشآت اقتصادية وطنية، تم استثمار موارد بشرية ومالية وخبرات في قيامها، وذلك
لكي تستمر وتكبر وتدعم التنمية في إطارها الشمولي من توفير خدمة وإتاحة فرص عمل، لا لكي تتلاشى وتضمحل وينتهي نشاطها بشكل يتم تجاهله من الجميع، فمهما قيل عن تواضع نسبة إسهامها في السوق تبقى حاملة على عاتقها حالياً تأمين سكن ملائم لما يزيد علاى ثلاثين ألف مواطن أو مقيم يتطلعون لمنتجاتها السكنية كل عام، الأمر الآخر الأكثر خطورة من ذلك، وهو نشوء أساليب وطرق تحفيز مثيرة للاستغراب والدهشة لتسويق المنتجات السكنية، ربما تمثل تعبيراً عن حالة استنفاد لكافة البدائل التخطيطية والتصميمية والتنفيذية والتمويلية أمام أولئك المطورين لجعل أسعار تلك الوحدات في متناول الراغبين بشرائها من المواطنين، وبالتالي تنامي الشكوك حول انتهاج بعضهم لمثل تلك الأساليب للتسويق وارتباطه بالتدني المحتمل لكفاءة تلك الوحدات السكنية وظيفياً أثناء تشغيلها، لا سيما في ظل غياب جهة مسؤولة تعنى بهذا الجانب في تلك المشروعات.
إن أخشى ما يؤول إليه حال قطاع التطوير العقاري السكني لدينا وإن كان البعض يستبعد ذلك ويسخر من طرحه هو أن ينتسب إليه في مرحلة ما، من تفضي به إبداعات التسويق إلى قيامه بتقديم عروض تحفيزية تمنح من يقوم بشراء فيلتين في مشروعاته الحصول على ثالثة مجاناً.. !
-نقلا عن “الرياض”-
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال