الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
أثار نظام «ساند» موجة من التعليقات والتحليلات، فشكّل صدمة للبعض، ومباركة من آخرين، ويعتبر ذلك اقتطاعاً ضريبياً من دخل منسوبي التأمينات الاجتماعية، وباعث الحديث عن هذا النظام أن التأمينات تراه مشروعاً معمولاً به عالمياً، وهذا حقيقي، إذ إن النظام الرأسمالي العالمي لا يجعل الدولة مالكة للثروات والرساميل، بل جابية ضرائب للصرف على مستلزماتها الأساسية، وهي عملية طويلة طورت قوانينها ونظمها، لكن في حالة المملكة فالمالك الأساسي هو الدولة والمعتمدة الصرف على نفقاتها المختلفة، وهذا ما يجعل الفوارق بين نظام وآخر مختلفة..
التوقيت لم يكن مناسباً، وكان المفترض أن يُطرح للنقاش ويوضع ضمن خيارات متعددة حتى يكتسب القيمة المعنوية أولاً، ثم المادية ثانياً، وأيضاً جاء بعد زوبعة «الراتب لا يكفي» ثم المطالبة بجعل أولويات السكن والوظيفة وتأمينهما هو الهاجس العام عند العاطلين عن العمل أو أصحاب الدخول التي لا تقوى على تأمين المنزل أياً كان حجمه، وهناك أمر آخر تفاوت الدخول والأمان الوظيفي وجدليات رفض القطاع الخاص الانصياع لنظم التوظيف، وكلها هموم متراكمة وكبيرة وتحتاج إلى دراسات وقرارات بعضها فوري، وأخرى تعد وفق الظروف المتاحة..
مقابل ذلك طرح أفكار سن زكاة أو ضرائب على الأراضي البور في المدن وغيرها، والدخول الهائلة للشركات والبنوك ذات الأرباح المتصاعدة، وكذلك رفع أسعار الوقود الذي جعل سعر (جالون) البنزين أقل من سعر قارورة الماء، واقتطاع مبلغ الزيادات وتوجيهها إلى صناديق ساند ومجالات السكن وغيرها، خاصة وأن العوائد الهائلة من النفط إذا ما أضيف لها اقتطاعات أخرى يمكن أن تؤمن ذلك، وبصراحة تامة لم تكن إثارة هذا الموضوع أمراً موفقاً حتى لو كان له إيجابيات أمام حملات توجّه للمملكة من كل الجوانب ولها انعكاسات أمنية ونفسية على المواطن الذي هو محور الضمانات الأمنية، ثم ألم يكن ساهر وحافز وبقية المسميات الأخرى في بلاغة الأجهزة كافياً، وبأن النظام رآه الكثيرون غامضاً تبرأ منه بعض المشايخ وحقوق الإنسان وغيرهما ما جعل المواجهة بين المواطن ومؤسسة التأمينات الاجتماعية تأخذ شكل حرب لم يتساوَ فيها سلاح قوة الدولة مع سلاح المواطن؟!
صحيح أن العمالة الأجنبية أكثر من الوطنية لكن هل يوافق هذا النظام نظماً أخرى وفق عقود العمل، وهل لا يفرض ذلك اعتراضات خارجية تحت حماية دخول دول لمواطنيها العاملين بالمملكة؟
ولذلك فالجدل سيطول، والمشكل أننا في كثير من المواقف المماثلة لهذا القرار المستعجل والسريع، لا نعرف رد الفعل المقابل، وكيف تصبح إساءته أكبر من فائدته، وخاصة حين يلامس دخول المواطنين ومطالبهم..
الدولة لديها التزامات تتسع كل يوم، لكن فرض مثل هذه الضريبة غير موضوعي طالما نعرف أن هناك تكاليف مضافة كثيرة على المواطن بدأت تقتطع من دخله الثابت العديد من الفواتير كأعباء السكن والمعيشة والهاتف والكهرباء إلى آخر السلسلة الطويلة التي يعرفها صانع ومعد هذا القرار بل وكان استفزازياً عندما نقرأ ما يتداول في تقنيات التواصل الاجتماعي وحتى الصحافة ووسائل الإعلام الأخرى المحافظة..
عموماً القضية ليست في التعقيد أو الصعوبات إذا ما دخلت المراجعة الشاملة من جميع الأجهزة ذات العلاقة بمثل هذه المسائل والتي تراعي المصالح المشتركة كلها الرابطة بين المواطن وأي جهة حكومية تسعى للتوفيق بين الآراء والأفكار إيجابياتها وسلبياتها..
-نقلا عن ” الرياض”-
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال