الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
Ameerah_eco@yahoo.com
لو شاء أحدنا أن يصف الضريبة فلن يتردد بقوله أنها “الأداة ذات الكراهية المقتة ” على أقل تقدير من الناحية الشعورية للمكلفين بدفعها ،وعلى المستوى الاقتصادي فهي تعد بالنسبة للحكومات مصدرا ضروريا لتمويل النفقات و اصلاح التشوهات أيضا.
اعتاد اليابانيون أن يدفعوا ضريبة استهلاك أقل مما يدفعه مواطني الدول الصناعية بعد الولايات المتحدة الامريكية وتشير الدلائل التاريخية أن الحكومة اليابانية ظلت صامدة في سياستها الضريبية منذ 1997م أي ما يقارب 17 عاما. اللافت للنظر أنه بعد هذا المشوار الزمني الطويل من الثبات على ضريبة استهلاك عند 5% اتجهت اليابان مؤخرا الى زيادة هذا النوع من الضرائب بمقدار 3% ابتداءً من ابريل العام الجاري رغم ما يشوب الاقتصاد من ركود.
و من المعروف في الادبيات الاقتصادية أن اجراءاً ضريبا مثل هذا يعتبر كفيلا بإعاقة النمو الاقتصادي وهي النتيجة التي لا يرغب اليابان في الوصول اليها ، فمالذي يُبرّر هذا التعديل الضريبي؟
في واقع الامر يرجع اتخاذ القرار بذلك إلى عوامل جوهرية يمكن ايضاحها في سببين أساسيين: الأول يتعلق بالدين العام الضخم والذي يعد الأعلى عالميا حيث يتجاوز 230% من الناتج المحلي، كما و أن المشكلة لا تظهر فقط في حجم الدين بل أيضا في اتجاهه المتزايد. والثاني هو ارتفاع تكاليف الضمان الاجتماعي Social Security Spending وكذلك الرعاية الصحية نتيجة التغير الديموغرافي والذي أدى بدوره إلى زيادة عدد المسنين مقابل انخفاض عدد المواليد، حيث تضم اليابان اليوم النسبة العظمى من المُعمرين مقارنة بالدول الصناعية الاخرى .
أما الاثار الاقتصادية المترتبة على رفع الضريبة فقد جاءت ” قاسية ” حسب ما أظهرته البيانات الصادرة الاسبوع الماضي حول معدل نمو الاقتصاد الياباني والذي سجل انخفاضا شديدا بمقدار 6.8% لم يصل اليه الاقتصاد منذ التسونامي العنيف عام 2011م. ، ورغم أن الركود في اليابان كان تراكمياً إلا أن رفع الضريبة قد عمَّق هذا الركود.
اذن مالذي ينتظر الاقتصاد الياباني ؟
من المتوقع أن ينخفض حجم التأثير السلبي للنمو الاقتصادي الناتج من رفع ضريبة الاستهلاك خلال الربع الاخير من العام الجاري، حيث أن الاعلان المبكر للحكومة اليابانية عن عزمها في رفع ضرائب للعام القادم مكَّن المستهلكين من شراء كميات كبيرة من السلع والخدمات تفوق احتياجاتهم ، محاولة منهم للتخلص من العبء الضريبي المتوقع وبعد تطبيق الضريبة انخفض الاستهلاك بشكل حاد مقارنة بالفترة الزمنية السابقة التي شهدت استهلاكا أكثر من المعتاد؛ لذلك فمن المتوقع أن يتضاءل هذا التأثير في الربع التالي ، وهذا يعني أن الاثار على النمو ستضل سيئة و لكن بمعدل أقل.و بالمقابل توقعت منظمة التعاون OECD أن ينمو الاقتصاد الياباني بمعدل 1.2% عام 2015م في الوقت الذي سيبلغ فيه متوسط النمو للدول الصناعية 2.8%
ومن الجيد الاشارة الى الاقتصاديات الاخرى بما فيها اقتصاديات دول مجلس التعاون هي ليست محصنة، واذا كان هناك ثمة مخاوف تتعلق بهيكل الايرادات المستقبلية فمن الاهمية أن تلقي النظر على مصادر التوسع في متطلبات الانفاق.
ان التجربة اليابانية توضح كيف يُحدث التغير الديموغرافي تأثيرا بالغا على جوانب الموازنة وصحة الاقتصاد وهي من الدروس الهامة التي يجب علينا أن نتعلمها ولا ننساها.
أميرة
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال