الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
عندما كانت مطالبات (العمال) في كافة المنشآت الأهلية وبعض المؤسسات العامة محصورة في زيادة الإجازة الأسبوعية ليومين حتى يمكنهم التوفيق بين مهامهم العملية وحياتهم الاجتماعية وكذا إيجاد حد أدنى للأجور يكفل لهم سبل العيش الكريم ويمنعهم من الحاجة ومذلة
السؤال، بجانب مطالبتهم بإعادة صياغة بعض المواد لمنع الفصل التعسفي وليشعروا أكثر بالأمان الوظيفي، ظهرت لنا بعض الأصوات المنددة تتحدث إلينا من بروج عالية وهي تحذر باستماتة من الموافقة على مثل هذه المطالبات غير الهامة والمبالغ فيها مدعية بأنه سيكون لها
انعكاسات سلبية وخيمة على أصحاب العمل والتجار والأسعار، وقد نجحت في إبقاء مشروع تعديل نظام العمل تحت الدراسة لأشهر عديدة!
في الوقت الذي كان يعد (العامل) الأيام والليالي وهو ينتظر على أحر من الجمر الاستجابة لمطالبه الإنسانية ظهر له فجأة (نظام ساند) الذي يقضي بإلزامه بدفع 1% من أجره الشهري ومثلها يدفع صاحب العمل للتأمينات الاجتماعية لتخصص كمعونة لذلك العاطل الذي ترك عمله
حتى يجد له بسلامته عملا آخر !، موقف العامل هنا أشبه ما يكون بمن كان ينتظر أمام غرفة الولادة الطبيعية صرخة مولوده الأول بعد مرور عشر سنوات على زواجه إلا أن الدكتورة الاستشارية وبقية الفريق الطبي خرجوا من أمامه دون أن يعيروه أي اهتمام، ليبلغ بعد ساعات طويلة وبشكل رسمي بخبر وفاة زوجته والجنين أثناء الولادة بحجة حدوث مضاعفات وبالرغم من فاجعته الكبيرة هذه إلا أنه مطالب فورا بسداد فاتورة علاج لم ولن يستفيد منه!
الغريب في الأمر أن نفس الأسماء التي عارضت مطالب (العمال) المتعلقة بالأجور والإجازة والفصل التعسفي عادت من جديد لتتصدر المشهد، فهي تملك قدرة عجيبة في تغيير آرائها وتحوير الأسباب التي كانت تعارضها بشدة إلى مبررات منطقية تدعم بها غايتها، فها هي الآن تعبر عن تأييدها التام لساند مؤكدة على أن المصلحة العامة تتطلبه، وأنه يمثل أسمى صور التكافل الاجتماعي، وقد طبقته منذ عقود أعظم
الدول الصناعية في العالم، وأنه في المقابل لن يضر إطلاقا بميزانية العامل كون ما سيستقطع منه لن يتعدى 30 إلى 100 ريال بالشهر، ولو عدتم للوراء قليلا لوجدتم بأنها ذات الأسباب التي بنى عليها العمال مطالبهم ولكن تلك الأسماء ما فتئت وهي تقلل وتحذر منها وكان أكثر ما ركزت عليه هو أن ميزانيات المنشآت لن تتحمل وستصبح مديونة وقد تتعرض للإفلاس!
نفسي أعرف: وش يبغون مثل هؤلاء بالضبط؟! وما كل هذا التناقض في مواقفهم حيال مطالبات المواطنين؟! لماذا نجد أصواتهم دائما ما تطبل في مثل هذه المواقف للتجار وأصحاب رؤوس الأموال؟! وحين رقت قلوبهم قليلا، لماذا رقت للناس (المبزوطين) حتى أوجدت لهم ما بين عشية وضحاها معونة شهرية ثابتة تؤمن لهم مصاريف الوناسة من تاريخ فصلهم إلى أن يجدوا عملا آخر؟!
-نقلا عن “عكاظ”-
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال