3666 144 055
[email protected]
تعكس مبادرة 23 منشآة بطرح 26 مساراً للتدريب لعدد من الوظائف تفوق على 1053 وظيفة رغبة قطاع الأعمال في تشغيل الشباب السعوديين على الوظائف الشاغرة في شركاتهم. فهذه المبادرة التي استمرت على مدى أربعة أيام ابتداء من يوم الأحد الماضي كانت تستهدف استقطاب الشباب السعوديين للعمل في القطاع الخاص بعد تأهيلهم وتدريبهم على الوظائف التي يفترض أن يشغلوها في المستقبل.
وعلى هذا الأساس يمكن أن نتصور اكتضاض قاعة الاستقبال بالطامحين في الحصول على وظائف في القطاع الخاص، ولكن لا. فالقاعة كانت مليئة بالمكاتب التي يجلس خلفها ممثلو الشركات المشار إليها فقط. أما الجهة المستهدفة فكان حضورها باهتاً جداً للأسف الشديد. فإجمالي من تجاوبوا مع هذه الفعالية من شبابنا كان قليلا ومزريا إلى درجة أن عددهم لم يتجاوز 250 شخصاً.
وهذا أمر يحتاج إلى نقاش. فإما أن يكون هناك زيادة على جانب الطلب، أي في عدد الشركات الطامحة في التوظيف وإما أن يكون هناك نقص من جهة العرض، أي قوة العمل، ولكن نحن نعرف أن سوق العمل في المملكة تشتكي من زيادة في عرض قوة العمل السعودية مقارنةً بالطلب عليها، وما إجراءات وزارة العمل التي شهدناه خلال الأعوام الماضية إلا محاولة منها لتصحيح هذا الخلل عن طريق زيادة الطلب على قوة العمل السعودية، وإن كان بشكل مصطنع.
إذاً فربما يكمن الخلل في الدعاية وعدم اهتمام الشركات والرعاة بالتسويق للفعالية مما أدى إلى عدم التجاوب الكافي مع توجه الشركات. ولكن بعد التقصي يتضح أن هذا التوقع هو الآخر غير صحيح أيضاً. إذ لم يكن هناك تقصير في التسويق والترويج لهذه المبادرة مطلقاً. فلقد تم الإعلان عنها في الصحف وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي.
وهكذا نكون قد عدنا إلى المربع الأول للبحث عن سبب مقنع لهذه الظاهرة الغريبة. طبعاً أنا هنا لا أستثني فصل الصيف الذي تعتبر أجواؤه غير مناسبة للحركة والتفاعل مع الأحداث، أو ان السفر إلى الخارج، في هذا الفصل من السنة، قد يكون هو المبرر في عدم تجاوب العرض مع الطلب. كل ذلك جائز. بيد أن كل هذه المبررات غير مقنعة بما فيه الكفاية. فنحن نعرف أن من ليس لديه عمل ليس لديه أموال للسفر إلى الخارج.
لا أدري ما إذا كانت إجراءات وزارة العمل التي يشير إليها البعض تعتبر سببا كافيا لاختفاء الحافز أو الدافع للبحث عن العمل من قبل العاطلين عنه. فمن المعلوم أن بعض الشركات تشغل العاطلين عن العمل بصورة وهمية لتفادي إجراءات وزارة العمل. بل إن بعض المؤسسات الخاصة تستفيد من المبالغ التي يدفعها صندوق تنمية الموارد البشرية لها جراء التوظيف الوهمي للسعوديين. فهذه الظاهرة السلبية تؤدي، حسب بعض التقديرات، إلى إهدار الشركات لرواتب شهرية تقدَّر ب585 مليون ريال شهرياً، أي 7 مليارات و20 مليون ريال سنوياً، بدون أي عائد إنتاجي، ولذلك فعلينا ألَّا نستغرب وجود 25% من القوى البشرية من الشباب يحتاجهم سوق العمل وهم لا يعملون.
نقلا عن الرياض
الفرج
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734