3666 144 055
[email protected]
فيما الخلاف بين مجلسي الشورى والوزراء حول البحث العلمي مستمر، حسب وقائع اجتماع المجلس الأول يوم الاثنين الماضي، نرى الهند تحقق المستحيل. فقد نجح هذا البلد في وضع مركبته الفضائية “مانجاليان”، التي أطلقها قبل 11 شهراً، في مدار حول المريخ. وهذه أول مرة ينجح فيها بلد في تحقيق مثل هذا الانجاز من المحاولة الأولى وبأقل التكاليف.
طبعاً مثل هذا الإنجاز الضخم ما كان له أن يتحقق لولا اهتمام الهند بالبحوث والتطوير والإنفاق عليهما، حيث وصلت نسبة هذا الإنفاق إلى الناتج المحلي الإجمالي (محسوباً بالقوة الشرائية) عام 2011 إلى 0.9%. ولهذا فليس مصادفة أن تحتل الهند الترتيب الثامن في العالم من حيث الانفاق على هذا المؤشر.
وأنا أعتقد أن الصين والهند، وليس أمريكا وأوروبا، يفترض أن تصبحا مثلين لنا. وذلك لعدة عوامل. أولهما الفاصل الزمني. فبيننا وبين الولايات المتحدة والبلدان الاوروبية هناك ما لا يقل عن مئتي عام على الأقل، بينما لا يفصلنا عن الصين والهند غير 20 إلى 30 سنة. كما أن معدلات النمو المتسارعة التي يحققها هذان البلدان الآسيويان سوف تؤدي في القريب العاجل إلى إزاحة ما كان يسمى بالبلدان المتقدمة من مكانها والحلول محلها. هذا بالإضافة إلى التشابه بيننا وبين الصين والهند في الدور الريادي الذي يلعبه القطاع الحكومي في الاقتصاد.
فنحن إذا تأملنا التجربة الاقتصادية الصينية مثلاً فإننا نلاحظ أن الصناعة التحويلية تحتل مكاناً متميزاً في هيكل الناتج المحلي الإجمالي. وحتى مع تطور قطاع الخدمات في الفترة الأخيرة والذي ارتفعت نسبته ضمن القطاعات الأخرى إلى 45%، فإن نصب الصناعة لا يزال عند 44% من الناتج المحلي الإجمالي. كما أن مساهمة الزراعة في الاقتصاد لا تقل عن 10%. وهذا معناه أن القطاع الإنتاجي يشكل 55% من الناتج المحلي الإجمالي.
وعلى ما يبدو لي فإن هيكل اقتصادنا ما زال متأثرا أكثر بالنموذج الأوروبي والأمريكي. ففي الولايات المتحدة يحتل قطاع الخدمات مركز الصدارة 80% من الناتج المحلي الإجمالي. بينما حجم الصناعة لا يتعدى 19% فقط. وهذا قد يكون أمرا مبررا لبلد يتبوأ، حتى الآن، مركز الصدارة في العالم. ولكنه بالتأكيد لا يناسبنا. فنحن نطمح إلى تطوير اقتصادنا وتنويع هيكل الناتج المحلي الإجمالي لتحتل القطاعات الانتاجية غير النفطية نسبة أعلى من النسبة الحالية. كما أننا نسعى بالتأكيد إلى تنويع المتحصلات في ميزان مدفوعاتنا باتجاه تقليل نسبة النفط فيها وزيادة العملة الصعبة التي تأتينا من المصادر الأخرى.
وهذا كله يحتاج، كما يبدو لي، إلى إعادة تحميل لنفقاتنا العاملة باتجاه تشجيع قطاع الأعمال على الاستثمار في القطاعات الانتاجية. فنحن لا نملك إلى يومنا هذا منشآت خاصة ضخمة ولم نتمكن حتى الآن من إقامة عمالقة مثل شركة جيلي الصينية Geely لإنتاج السيارات وشركة تاتا نانو Tata Nano في الهند. ولذلك فإن انفاقنا على البحوث والتطوير هو الاخر لا يزال متواضعاً 0.05% من الناتج المحلي الإجمالي، لأنه باستثناء القطاع الحكومي ليس لدينا جهات صناعية خاصة ذات رؤوس أموال كبيرة تحتاج وبالتالي تشجع وتمول مثل تلك البحوث.
نقلا عن الرياض
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734