الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
انتظمت معارف البشرية، ومباحثهم، وطرق تفكيرهم بالتكنولوجيا منذ عقود، فتقارب العالم، وتلاشت الحدود، وانتشت العلوم، وتقدمت المعارف، وتنوعت الانجازات الفكرية، والعلمية، والثقافية، والاجتماعية، وتضاعف الإنتاح البشري في مختلف العلوم إلى قيم عالية جدا؛ حيث قدر الانتاج العالمي المتداول من المعرفة عام 2007م بـ 161 اكسا بايت؛ وهو ما يعادل ثلاثة ملايين ضعف كل الكتب التي كتبت طول التاريخ البشري! وهذا الرقم مضى عليه إلى الآن سبع سنوات سمان؛ وسأترك لمخيلاتكم مقاربة الجحم المعرفي الهائل خلال هذه السنوات!
إن التقدم المطرد للتكنولوجيا المتطورة، وللإتصالات الفائقة، والانفجار المعرفي، وظهور علم الفضاء المعلوماتي، أوجد صراعات أممية شديدة التنافسية؛ فقد أصبحت الأمة القوية هي الأكثر معرفة، والأغنى بمفكريها، ومبدعيها الذين يضيفون إلى المعرفة كل ما هو جديد.
ويسود لدى ساسة العالم، ومفكريه إدراك عميق بأن زمن المجتمعات الصناعية قد تلاشى إلى الأبد؛ وحل محله فيض معرفي، وتكنولوجي عالمي يقود العالم إلى تحولات متسارعة نحو تكوين مجتمعات، واقتصادات معرفية ستكون وحدها وليس غيرها! أهم مصادر الإنتاج لأي مجتمع حي؛ وأن اكتساب القوة والنفوذ السياسي والاقتصادي مرتهن بالتقدم المعرفي، والتطور التقني.
إن التمكين، والنجاح في صنع مجتمع المعرفة يحتاج لزاما إلى نشر رأس المال الفكري المتوافر لدى المجتمع؛ ليدير المعرفة، وينشرها، ويقيسها، ويقومها في أي منظمة عامة، أو خاصة على أسس علمية تأخذ بالمستجدات المعرفية العالمية، وتتأثر بها، وتوظفها ضمنياً في برامجها، وقراراتها، وأنظمتها؛
ولا مشاحة في أن السبيل إلى تمكين مجتمع المعرفة يمر بتعظيم دور التعليم، وجودته في مراحله كافة؛ كأساس للتشكيل، ومحور للتكوين؛ وفي سبيل ذلك يجب بذل غاية الجهد في طريق صنع، وتطوير عناصر المناهج التعليمية، لتكون فائقة الحساسية، وعظيمة القدرة على استيعاب التقدم العلمي، والتقني، وتوظيفه داخل بيئة صحيحة، سليمة من كل العوائق، والمنغصات؛
كما أن مفاهيم المجتمعات المعرفية الواسعة لا تعترف بتعليم يتوقف عند سن محدد! بل التعليم مستمر مدى الحياة؛ فالتعليم قبل سن العمل؛ والتدريب مع العمل؛ ويحيط بهما استراتيجية، دقيقة، وممتدة وهي: “تعلم كيف نتعلم؟” وهي مهمة تتشارك الأسرة، والتعليم، والإعلام في إذكاء روحها، وبعث جذوتها؛ حيث أن قدرة الفرد على تعليم نفسه، وحفزه إلى ذلك يضيف أبعاداً أعمق للمعرفة البشرية؛
ومن المعلوم بالضرورة أن المجتمعات تتفاوت في إمكانياتها المعرفية، وقدراتها التكنولوجية؛ لذلك يجب على الدول الأقل حظا ألا تكابر؛ وأن تتوجه بخطط طموحة نحو الإقتداء المعرفي بالدول الأكثر حظاً؛ فتفيد من تجاربهم، وتنهل من خبراتهم؛ لتصل يوماً ما إلى الاقتدار المعرفي، والنضوج التقني.
القرني
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال