الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
مازالت تؤكد لنا الدلائل التاريخية خطيئة الاعتماد على مورد واحد وأن “رومانسية السوق” لا تدوم إلى الأبد ، فهذه القوى المعقدة التي تستند على تفاعل جموع الطلب والعرض إذا انحرف أحدها أُصيب الاقتصاد.
لم يكن الانخفاض في أسعار النفط بالنسبة للاقتصاد الروسي “النوبة” الوحيدة ،بل إن هذا الانخفاض أضاف مزيدا من الضغوط على الاقتصاد الروسي. ولا تبدو المشكلة في انخفاض المكاسب الناتجة عن بيع النفط فقط بل أن ما يؤزم الوضع في روسيا أن هذا التراجع أتى ملازما لظروف اقتصادية سيئة, فالعقوبات الدولية وما خلفته على ملامح الاقتصاد الروسيّ هو ما يصعب محوه بسهولة اليوم.
شملت الإجراءات المقيدة التي فرضتها الدول الغربية تجميد الاصول ووضع قيود على نفاذ المؤسسات المالية الروسية فضلا عن حظر التصدير والاستيراد لعدد من السلع كان من بينها حظر استيراد التكنولوجيا المتعلقة بالصناعة النفطية والذي كبَّد بدوره الاقتصاد تكاليف باهظة.
وقد ترتب على ذلك اضرارًا كبيرة على مستوى الاقتصاد الكلي كتباطؤ النمو وتراجع الروبل بالإضافة إلى زعزعة الثقة بالنسبة للمستثمرين ، وعلى المستوى الجزئي فمازال قطاع الاعمال و الشركات يعاني بشكل حاد من تعذر الحصول على تمويل خارجي أو عدم القدرة على تصريف المنتجات نتيجة هذه العقوبات المفروضة.
ومحاولة للتماسك والسيطرة على الوضع السائد استنزفت الحكومة الروسية امكانياتها فوعدت بتقديم الدعم للمتضررين من هذه العقوبات مستفيدة بذلك من احتياطيات صندوق الرفاه الوطني.
ومقابل نمو هذه الالتزامات المالية لدى الحكومة نتيجة الظروف الاقتصادية السائدة ، أسفر الانخفاض في أسعار الطاقة عن مستجدات واضحة على جانب الايرادات ، فروسيا التي تشَّكل فيها عائدات الطاقة نسبة الثلث من اجمالي الايرادات تحتاج الى أسعار نفط توازي 93 دولار للبرميل لتحقيق ميزانية متوازنة هذا بالرغم ما شملت عليه ميزانية 2014م من تقشف في بنود الانفاق على الرعاية الصحية والتعليم أي أن أي سعر أقل من هذا المستوى سيخلق لها أبوابا من العجوزات سواء في الموازنة العامة أو حتى الميزان التجاري.
هذه الأوضاع المضطربة تثير القلق وتهدد النمو و تجّر الاقتصاد الروسيّ إلى المزيد من الركود ففي الوقت الذي يُتوقع أن يصل النمو العالمي نهاية العام الحالي إلى 3.3% فان اجمالي الناتج الروسيّ لا يستطيع أن ينمو بمقدار أعلى من 2.% وسيكون التراجع أشد وطأة في حال وصول الاسعار الى مستوى أقل من 80 دولار عندها قد يتقلص الناتج إلى معدلات سالبة.
ان التباطؤ في الاقتصاد الروسي الناتج من تداعيات العقوبات الدولية و انخفاض أسعار النفط سيخلق سلسلة صعبة من التحديات أمام الساسة بشكل عام وواضعي السياسة الاقتصادية بشكل خاص. فروسيا التي تفضل أن تبقى قوية ومهيمنة لا يمكنها ذلك في ظل عقوبات مكبلة و أسعار نفط منخفضة!
Ameerah_eco@yahoo.com
أميرة
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال