الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
عنوان مستغرب خاصة في ثقافتنا التي لا تنظر لعدد الأطفال من ناحية اقتصادية.
تكاليف الأطفال تبدأ منذ مباشرة الحياة الزوجية حتى يتزوج الأبناء وتقل تدريجيا مع الوقت، وقد يصبح الأبناء مسؤولين عن آبائهم عند الكبر.
دعونا ندخل في الحساب.
عائلة مكونة من أبوين وطفل دخلها الشهري 15 ألف ريال والزوجة ربة منزل لا تعمل. الزوج موظف قطاع خاص يوفر له تأمينا صحيا شاملا له ولعائلته. السكن في شقة إيجارها 30 ألفا سنويا، ويطمح الأبوان إلى إدخال طفلهما مدرسة خاصة تمنح تعليما جيدا نسبيا ولغة أجنبية ربما تساعد في دخول الجامعة ومن ثم الحصول على وظيفة جيدة.
حان وقت الوضع وجاء المولود سليما وفرح به أبواه، وأيضا حان وقت محاسبة المستشفى الخاص الذي وضعت فيه الأم لأن طبيبها يفضله. قام التأمين بتغطية نحو 40 في المائة من تكلفة الولادة، ولا شيء من أجرة الطبيب (منفصلة). أول سنتين انحصرت تكلفة الطفل في الإطعام والملابس والرعاية الصحية، وجملة التكاليف في حدود سبعة آلاف ريال سنويا حتى سن الثالثة، حيث تكون الرعاية منزلية. عند بلوغ ثلاث سنوات قرر الوالدان إدخاله الحضانة الخاصة المجاورة للمنزل وتكلفتها السنوية ثمانية آلاف ريال ومرورا بالروضة، فالتمهيدي والقسط السنوي يزداد بمعدل ألف ريال سنويا، ثم دخل الطفل المدرسة في سن ست سنوات وأصبح القسط السنوي في حدود 15 ألف ريال للأول الابتدائي وبزيادة قدرها 1500 ريال سنويا حتى الصف الثالث الثانوي. في كل سنة أثناء نمو الابن كانت أساسيات الحياة تزداد، ففي المرحلة المتوسطة اشترى هاتفا ذكيا فاتورته 150 ريالا شهريا، وله مصروف يد في حدود 200 ريال أسبوعيا، وملابس تكلف نحو أربعة آلاف ريال سنويا، ومتطلبات دراسة إضافية وترفيه وتنزه وغير ذلك في حدود 500 ريال شهريا. هذا بفرض أن الأسرة تقضي إجازاتها داخل المملكة، والترفيه والسياحة لا يشكلان جزءا رئيسا من الميزانية. إذن بحساب ما سبق فإن الطفل الواحد يكلف هذه الأسرة ذات الدخل المتوسط “جدا” نحو 300 ألف ريال منذ الولادة وحتى التخرج في الثانوية فقط، ولو احتسبنا أن دخل الأب يزداد سنويا نحو 5 في المائة من المنشأة ليتجاوز 20 ألفا بعد 12 عاما (بلوغ ابنه سن الجامعة)، فإن إجمالي دخله على مدى 18 عاما نحو ثلاثة ملايين ريال لو لم ينفق منها ريالا واحدا.
طبعا كلما زاد عدد الأطفال فالعبء يزداد ومعه المسؤولية. يلاحظ أيضا أنني لم أضف أي مصروفات طوارئ مثل علاج خاص أو تعليم إضافي أو سفر وترفيه مما يجعل السيناريو نظريا وغير واقعي. وللقارئ الكريم أن يصحح تلك الفرضيات ويضيف إليها حسب تصوره لحياة أسرة متوسطة. الشاهد في الموضوع أن الإنجاب وتكوين أسرة مسؤولية كبرى وتنمو أعباؤها مع الأيام.
ما زال مجتمعنا يربط اكتمال كيان الرجل أو المرأة بالأبوة والأمومة، لكن في حياتنا العصرية من المهم أن نعي ما يسبق هذا “الاكتمال” من مسؤولية وواجبات وتبعات. كذلك من المهم تقبل أن المجتمعات تتطور، وبالتالي ما كان يعد جميلا في الماضي قد لا يكون كذلك مستقبلا.
عموما أهنئ القارئ الكريم بقرب حلول العام الميلادي الجديد، وأتمنى أن تكونوا قد وضعتم الميزانية وخططكم المالية، وأن يرزقنا الله وإياكم بأجمل ما هو قادم.
نقلا عن الاقتصادية
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال