3666 144 055
[email protected]
في دراسة قامت بها وحدة التقارير الاقتصادية بصحيفة «الاقتصادية»، توقعت أن يبلغ معدل التضخم في المملكة لهذا العام أدنى مستوى خلال ثلاثة أعوام، حيث يتوقع التحليل أن يبلغ معدل التضخم في السعودية بنهاية 2014 نحو 2.7 في المائة، ليبلغ الرقم القياسي العام لتكلفة المعيشة نحو 130.1 نقطة، مقابل 126.7 نقطة في 2013، ومستوى العام الجاري هو الأدنى منذ تعديل سنة الأساس إلى عام 2007، أي الأقل خلال سبع سنوات (من 2008 حتى 2014).
لا شك أن التضخم من الأمور التي أثرت بصورة سلبية في الوضع المعيشي للمواطن، فعلى الرغم من مجموعة الإجراءات الحكومية التي سعت إلى زيادة فرص دخل المواطن، سواء بالزيادة في الرواتب، أو بتوفير فرص للحصول على موارد إضافية من خلال بدلات مخصصة لبعض الأعمال، بغرض التحفيز وزيادة فرص الكسب، إضافة إلى السعي الحثيث إلى توطين كثير من الوظائف الحكومية وفي القطاع الخاص، وتشجيع زيادة الحد الأدنى للرواتب في القطاع الخاص، حيث أصبحت الفرص متاحة للمواطن بصورة أكبر، ومكنته من الحصول على دخل أعلى من السابق في وظائف القطاع الخاص، فهذه الخطوات كان لها أثر في استقرار الوضع المعيشي لكثير من الأفراد، إلا أن التضخم كان له الأثر في تآكل جزء من هذه الفرص التي حصل عليها المواطن في الفترة الماضية، ولكن استقرار معدل التضخم أو تدني النسبة المئوية له مؤشر إيجابي على استقرار الحالة الاقتصادية بعد الحِراك والنشاط الكبير الذي عزز من تدفق السيولة بصورة كبيرة في الاقتصاد المحلي، وكان له أثر في ارتفاع الأسعار بصورة أثقلت على المواطن.
الصورة المتوقعة مستقبلا للوضع المعيشي للمواطن تتجاذبها مجموعة من الاحتمالات التي تعزز من استقرار الأسعار، فأسعار السلع عالميا أصبحت تميل إلى الانخفاض أو الاستقرار بصورة عامة، ومنها أسعار النفط التي لها أثر كبير في استقرار أسعار المنتجات التي تصل إلينا من الخارج، وتخفض من تكلفة الإنتاج في الداخل، كما أن النفط يدخل في تصنيع كثير من المنتجات بصورة أساسية، إضافة إلى أنه يدخل في تكلفة الإنتاج باعتبار أن الطاقة تعتبر أمرا أساسيا في عملية الإنتاج، كما أن تحسن الاقتصاد الأمريكي مؤشر على قرب صدور قرار في الاحتياطي الفيدرالي بزيادة الفائدة على الدولار، ما يؤدي إلى سحب جزء من السيولة من الأسواق لمصلحة الاستثمار في الأدوات منخفضة المخاطر التي ستزيد عوائدها، كما أن الارتفاع في سعر الدولار عزز من إمكانية استيراد السلع بتكلفة أقل.
الاستقرار في الأسعار أمر مهم جدا خصوصا لكثير من المواطنين الذين يعتمدون على دخل ثابت، ومعظم دخلهم يتحصلون عليه من خلال رواتبهم الأساسية، وليس لديهم نشاط إضافي يمكن أن يحقق لهم دخلا يتفاعل إيجابا مع الارتفاعات في الأسعار.
لا شك أن السنوات الماضية- على الرغم من قسوة الارتفاعات في الأسعار- كانت مرحلة استثنائية، وبحق هي طفرة نأمل أن نلمس أثرها قريبا، فهذه الفترة شهدت مجموعة من المشاريع التنموية، والعناية ببناء الإنسان علميا وفكريا، فالتوسع في التعليم الجامعي بعد أن كان محصورا في نسبة محدودة من خريجي الثانويات، أصبح كثير من الجامعات اليوم يستوعب معظم خريجي التعليم العام، أو بالأحرى جميعهم في حال قبل البعض بالدراسة في غير المدن الرئيسة، كما حظيت جميع المناطق بجامعات تعزز من فرص التعليم لأبنائها بدلا من تكبدهم عناء السفر والتنقل والتكلفة العالية للمعيشة في المدن الرئيسة، ولا تقتصر فرص التعليم لهؤلاء الشباب على تخصصات محدودة، بل تقدم تلك الجامعات فرصا للتعليم في تخصصات الطب والهندسة.
لا يمكن الحكم على الفترة المقبلة بأنها نهاية للطفرة التي نعيشها، ولكن يمكن أن تكون مرحلة استقرار بعد برامج كبيرة لإنشاء مجموعة من المشاريع التنموية، وهنا ينبغي العناية بتعظيم فرص الرفاه للموطن من خلال توفير الخدمات الجيدة، وتسهيل الوصول وتعزيز إنتاجية القطاعات الحكومية، خصوصا أنه قد يصعب مستقبلا تعظيم منافع المواطن من خلال استمرار الزيادة في الدخل المادي، ولكن تشغيل المشاريع المنجزة بكفاءة عالية يحقق رضى المواطن عن الخدمات، وبطبيعة الحال الزيادة المادية في الدخل مهمة ولكن بصورة معتدلة تعزز من الاستقرار في الأسعار.
فالخلاصة أن تدني نسبة التضخم في الاقتصاد المحلي مؤشر إيجابي للأفراد، بما يحقق الاستقرار في الأسعار التي كان لها أثر في الوضع المعيشي لكثير من الأفراد، والمؤشرات الحالية التي نعيشها تعزز من هذا الاستقرار، حيث إن أسعار السلع تميل إلى الاستقرار أو الانخفاض عالميا ومنها النفط، وفي هذه الحال ينبغي تعويض فرص الزيادة في الدخل للمواطن من خلال تحسين الخدمات من ناحية الجودة وسهولة الوصول.
نقلا عن الاقتصادية
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734