3666 144 055
[email protected]
مهندس نووي بجامعة الملك عبد العزيز
Nasser__B@
كثرت بالآونة الأخيرة تصريحات لتحول توجه الدول لإنتاجالطاقة الكهربائية عن طريق بناء مفاعلات نووية. لكن يبقى السؤال ماهي الجدوى ؟! وما هو الهدف؟!
التوجه النووي هل هو موجة عارمة استهوت العالم أو آخر صيحات تقنيات إنتاج الطاقة. بل قد يتساءل عامة الناس عن جدوها وفوائدها مقارنة بأضرارها الكارثية خصوصا بعد كارثة اليابان الأخيرة. وتردد على ألسنتهم سؤال مهم وهو (لما نبني المفاعلات النووية ؟!)
حتى يتسنى لنا مناقشة أهميتها علينا أولا معرفة ماهي المفاعلات النووية. المفاعلات النووية بأبسط تعريف هي منشأة أن صح التعبير لإنتاج الكهرباء حيث يتم فيها إنتاج كمية كبيرة من الحرارة عن طريق تفاعل انشطاري متسلسل يتم التحكم فيه داخل قلب المفاعل. هذه الحرارة تسخن الماء ويتحول لبخار ويمر بتوربينات تحول الطاقة الميكانيكية إلى طاقة كهربائية ومن ثم يعاد لقلب المفاعل بعد تبريده ليعيد نفس الدورة. ويتم السيطرة على الحرارة بقلب المفاعل عبر تبريده اما بماء خفيف (الماء العادي) أو الماء الثقيل أو مواد أخرى.
أهمية الطاقة النووية تكمن بعدة محاور سأتناول أهمهما في هذا المقال. اقتصادية، حيث أن تبني التوجه النووي يساعد على خفض الوقود الأحفوري المستهلك لإنتاج الطاقة الكهربائية في الدولة. ويستخدم اليورانيوم كوقود لإنتاجالطاقة النووية.
وللمعلومية فأن حُبيبة واحدة من الوقود النووي تنتج من الطاقة ما يعادل 481 متر مكعب من الغاز الطبيعي أو 474 لتر من النفط أو 907 كيلوغرام من الفحم. وحُبيبة واحدة تحتوي على كمية من الطاقة تكفي لإضاءة مصباح كهربائي قدرته 100 واط على مدار 24 ساعة في اليوم لمدة عامين ونصف. وبالتالي فإن الدولة ستوفر قدر لا بأس به من الوقود الأحفوري يتم تصديره أو تخزينه كخزن استراتيجي.
بناء المفاعلات يفتح سوق استثماري وفرص عمل وآفاق بحثية جديدة وحسب علمي فإن المفاعل الواحد يحتاج من2500 الى 3000 موظف تتنوع مجالاتهم ما بين الهندسية والتقنية والإدارية. بل أنه يمكن تحلية المياه المالحة إلى مياه صالحة للشرب عن طريق المفاعلات النووية.
أن امتلاك الدولة لتقنية نووية سلمية يعطيها وزن وثقل سياسي على الصعيد الإقليمي والدولي ويعكس تطورها الحضاري ويفتح أبواب دخولها لدول الصفوة. أما على الصعيد البحثي فأن المفاعلات النووية البحثية قد ساهمت بتطور تقنيات طبية وصناعية وزراعيه وبذلك صنعت مجال تطبيقي أوسع.
ولا ننسى أنها طاقة نظيفة وصديقة للبيئة بالرغم من انها تصدر نفايات مشعة ولكن يتم التعامل معهابشكل آمن وفعال ويتم الاستمرار بتطوير تقنيات للتخلص من النفايات ومعالجتها وتقليل إصدار المفاعلات لتلك النفايات.
كان ومازال الهاجس الأكبر بالعالم هو أمن وسلامة المفاعلات وفي بدايات تبني العالم للطاقة النووية وبناءالمفاعلات كانت أنظمة السلامة وتبريد قلب المفاعل تعتمد على العامل البشري والتحكم اليدوي ومن ثم تم تحويلها لأنظمة التحكم الأوتوماتيكي عن طريق الحاسب الآلي وأخيرا تمت الاستعانة بأنظمة مساعده تعتمد بعملها علىعوامل طبيعية مثل الجاذبية والضغط وهذه التقنية تستطيع إبقاء قلب المفاعل تحت التحكم لمدة تكفي للتدخل والصيانة وهي مستخدمة بالمفاعلات المطروحة حاليا وهي من مفاعلات الجيل الثالث بلس. وهناك فلسفة نووية أمنيةتسمى باسم (الدفاع بالعمق) حيث يكون هناك عدة عوامل امان تبدأ بتغليف الوقود النووي بمادة مقاومة للحرارة وتنتهي بحاوية قلب المفاعل والمبنى المحتوي على المفاعل.
باعتقادي الان أن السؤال الأصح هو (لما لا نبني المفاعلات النووية ؟!).
ناصر
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734