الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
رئيس تنفيذي لشركة استثمارية – دبي
ahmad_khatib@
كانت دبي من جديد محط أنظار العالم في احتفالات بداية العام الجديد عبر عدد من الفعاليات أهمها على الإطلاق العرض المبهر للألعاب النارية في منطقة برج خليفة والذي حطم أرقاما قياسية على مستويات مختلفة. تم بث الحدث على شاشات التلفزة لمختلف أنحاء العالم و تحدثت وسائل الإعلام العالمية عن دبي وعن الحدث الذي بلغت تكلفته عدة ملايين من الدولارات. وكالعادة، بدأت تعليقات السخفاء وحماة التفكير السلبي في منطقتنا انتقادا لأي نجاح تقدمه دبي. تختلف الانتقادات وتتنوع، فمن المنتقدين من يتذكر الفقراء والجياع بمجرد أن تبدأ الألعاب النارية، ومنهم من يتهكم بأن لا فائدة مرجوة من تلك النشاطات والأفضل الاهتمام بالبلد وأهله.
في مجال المساعدات الإنسانية، لا أعرف دولة أخرى غير الإمارات تشارك بفعالية بدعم المحتاجين من مختلف الدول عبر الحملات التي لا تتوقف ويشارك بها كل أهل الإمارات، وتبلغ مساهمات الدولة أضعاف ما يتم صرفه على النشاطات الترويجية، ويمكن لأي مهتم أن يحصل على تلك المعلومات بسهولة. بل أن الحملات الإغاثية التي تقوم بها دولة الإمارات متميزة شكلا ومضمونًا ولا تكتفي بتقديم الأموال بل دائما ما يكون لها اهداف محددة مثل نزع الألغام أو التعليم أو توفير المياه أو معالجة فقدان البصر عند الأطفال وغير ذلك. يشرف على تلك الحملات وينفذها مواطنون إماراتيون معظمهم يقومون بذلك تطوعا. لذلك فإن الانتقاد بخصوص وجهة صرف الأموال لا يستحق ردا أطول من الأسطر السابقة.
أما من ناحية الفائدة التي تعود على دبي والإمارات فإن أي شخص بإمكانه أن يقارن كلفة الصرف مقابل كلفة إعلانات مدفوعة على شاشات القنوات التلفزيونية العالمية ترويجا لدبي. برأيي لا يوجد مقارنة على الإطلاق من ناحية التكاليف ولا من ناحية التأثير والمردود. عوائد قطاعي السياحة والطيران في دبي أصبحت مضربا للمثل ولا نحتاج للتذكير بها.
كل ما تقوم به دبي أصبح أسلوب عمل وطريقة تفكير. لا مكان للعشوائية أو الارتجال. يتم وضع الاستراتيجيات ثم يشارك الجميع بالتنفيذ والتطبيق كل من موقعه. ذلك الأسلوب والذي يعتمد على العمل بدون كسل وعلى استهداف التميز والتنافسية أساسه بسيط جدا وليس معقدا. القيادة.
في دبي يتم وضع خطط استراتيجية وأهداف للمشاريع تتضمن مؤشرات للأداء تجري مراجعتها دوريا لاتخاذ القرارات المناسبة. هذه الإجراءات تقوم بها كل الدوائر الحكومية والشركات التي تتبع للحكومة عبر أنظمة متطورة جدا يمكن من خلالها متابعة سير العمل و نسبة تحقيق الأهداف. التخطيط الاستراتيجي واستهداف التميز من أهم الأمور التي يتحدث عنها الشيخ محمد بن راشد.
بدون الدخول في نظريات حول القيادة، أقول باختصار أن ميزة القائد الحقيقي هي تمكنه من بث أفكاره لفريق عمله وجعلهم يفكرون بنفس الطريقة وهذا ما فعله الشيخ محمد مع فريق عمله الذي يتكون من مئات الآلاف وليس محدودا بالأشخاص الذين يعملون معه مباشرة. الجميع يفكر بشكل استراتيجي، الجميع يريد التميز، والأهم من ذلك أن البيئة أصبحت تتيح الحصول على التميز لمن أراد ذلك.
منذ البداية، أنشئت في دبي جوائز التميز بناء لمعايير الأداء. يتم تطوير الجوائز وأساليب التقييم دائما، لكنها كانت هناك منذ البداية وهذا دليل على عدم العشوائية. الهدف من جوائز التميز ليس اعلاميا أو إخباريا على الإطلاق. الجوائز خلقت روح التنافسية والتطور بالإضافة إلى آليات للتقييم والمحاسبة. ولمن لم يطلع على تلك البرامج، أقول باختصار أنها جوائز بدأت على المستوى الحكومي لفئات المنشأة الحكومية والموظفين من شرائح مختلفة. كنت في فترة معينة قد شاركت في عمليات التقييم وهي إجراءات متطورة ومعقدة جدا بداية من تقييم استراتيجيات المؤسسة وصولا إلى تقييم رضا الموظفين ورضا المتعاملين. يتم الإعلان كل سنة عن أفضل المؤسسات وأيضا أسوأها، لذلك لا يمكن لأي مؤسسة أن تستخف بعملية التقييم والتي تؤثر أيضا على تقييم إدارتها العامة. أصبحت جميع المؤسسات تعمل وفق منهجية واحدة وتفكر بأسلوب استراتيجي ولا تعتمد فقط على الأشخاص الذين يديرونها. ومن هنا أصبح ما نشاهده اليوم من تطورات على مستوى الحكومة الالكترونية ثم الحكومة الذكية شيئا طبيعيا وليس معجزة، لأنه أسلوب العمل المتبع.
التحفيز ووضع الأهداف والعمل بشكل تنافسي هي أهم عوامل النجاح في أي مكان سواء كانت حكومة أو شركة أو مشروعا صغيرا. كلما زاد عدد المؤمنين بتلك الأفكار والعاملين بها، كلما أصبح تحقيق التميز أسهل وأسرع. وهذا ما يفعله الشيخ محمد على الدوام. سئل الشيخ مؤخرا عن الهدف من مشروع إطلاق مسبار إلى المريخ، فأجاب بأنه يريد أن يبعث برسالة أمل ل ٣٥٠ مليون عربي أننا قادرون على فعل أي شيء إن أردنا ذلك.
أي شخص يمكنه أن يكون قائدا، فالقيادة لا تعني الإدارة أو الحكم. من يقوم بالتحفيز والعمل بشكل تنافسي ويفكر إيجابيا، بالتأكيد سيقود من حوله إلى التميز.
الخطيب
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال