التمويل الحكومي

كانت من أكثر اللحظات إثارة في حياتي، عندما كان يتعين علي مقابلة لجنة التحكيم باﻟﻮﻛﺎﻟﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻟﻠﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ( ﺗﻴﻜﻴﺲ) وكان ذلك عقب فترة وجيزة من تقلدي لمنصب رئيس تنفيذي بإحدي الشركات الناشئة الفنلندية في العام 2011 ، فقد كان متاحا لدينا 15 دقيقة فقط لطرح الفكرة الاستثمارية للجنة التحكيم وشرح فرص السوق المحتملة لإنطلاق العمل، تليها 10 دقائق لتلقي الكثير من الأسئلة من قبل اللجنة التي تتكون من المدراء التنفيذين بتيكيس وعدد من المستثمرين المبتدئين والخبراء، تليها فترة للنقاش بين أعضاء اللجنة تكون منتظرا خلالها بالخارج. يأتي ذلك قبل أن تدعى مرة أخري للتعرف على تقييم اللجنة والنقاط التي تحصلت عليها من (1-5)، وفي حال حصولك على نقطة تفوق (3.6) ستحصل علي منحة “تيكيس” والتي تعادل 5 مليون ريال سعودي، وهي عبارة عن منحة ليست قرضا أو إستثمارا، ولا تطالب الشركة المبتدئة بإستردادها أو إعطاء أي أسهم في مقابلها. وحصلنا على (4.2) من النقاط وأعطينا المنحة بإعتبار أننا حققنا الإنجازات التي وضعناها كأهداف، ونمت الشركة حتي وصل عدد موظفوها الى (16) شخصا، وجمعنا حوالي (10) مليون دولار (37.5 مليون ريال) من خلال استثمارات عالمية، وكانت عروض التوظيف متسقة مع الاستثمار الأجنبي والإمكانيات المستقبلية للشركة. وكشف بحث أجرته (تيكيس) أن نتائج عملهم كانت مذهلة، فقد تمكنوا من استثمار ما يعادل (2.5) مليار ريال سعودي في الشركات الفنلدندية الناشئة، ونجحوا في دعم 65% من الشركات الناشئة الناجحة في فنلندا خلال العقد الماضي، فكل ريال أستثمر أنتج 21 ريال، وفي مقابل كل 60 ألف ريال أستثمر خلقت وظيفة دائمة بالقطاع الخاص، وكان معدل نمو الشركات الفنلندية التي دعمتها تيكيس بلغ (47 – 80) %، وكان الدعم الحكومي حاسما في نجاح 80% من الشركات. وتعتبر الصيغة بسيطة جدا فكل شركة ناشئة تحتاج تمويلا في بدايتها، فإذا تركت للمستثمرين في القطاع الخاص فقط فالعديد من الأفكار الجيدة والشركات الصغيرة ستنتهي دون أن يشعر بها أحد، وسينتهي بها المطاف الي الإغلاق، ولكن مع قليل من المساعدة الحكومية، الي جانب الفحص السليم والأهداف الجيدة فستنمو كثير من الشركات الناشئة وتتمكن من إسترجاع الاستثمارات التي قدمتها الحكومة. وهذه الدورة الإيجابية في فنلندا وتنامي بيئة الاستثمارات الإنتاجية الناشئة التي تحظي بإهتمام عالمي، تختلف عن الطرق الوعرة والطويلة التي تسلكها الشركات الناشئة في البلدان الأخري وتؤدي الي الفشل أو الي النجاح في بعض الأحيان. ———— عمل روكوسو في مراكز قيادية متعدده في عدد من الشركات العاملة في مجال الاعلام والتجارة الالكترونية في فنلندا ، المانيا، الولايات المتحدة الامريكية والسعودية. قام نك بتأسيس عدد من المشاريع الناشئة حول العالم، و يقوم حالياً بدور استشاري واشرافي لهذة المشاريع. في السعودية، انشاء موقع ابي سيارة www.abisayara.com لبيع و شراء السيارات عن طريق الانترنت. نك