الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
ما إن سمعت عن أزمة الغاز التي اجتاحت مدينة جدة، ومن ثم مكة المكرمة، ثم عددا من مدن المملكة، إلى درجة أن سعر الأنبوبة الواحدة وصل لمائة ريال، حتى اشتعلت بداخلي وبقوة أسئلة كثيرة، هل لا يزال هناك أناس يستخدمون الغاز في إعداد الطعام على الرغم من وجود الفرن والغلاية والمايكرويف التي تعمل بالكهرباء؟! كيف يكون هناك أزمة ــ كما يشاع ــ وبلدنا يعد الأول عالميا في إنتاج النفط الذي يأتي من بين مشتقاته الغاز؟! هل هي أزمة حقيقية ــ كما يشاع ــ أم أنها أزمة مصطنعة يقف وراءها أشخاص انتهازيون ووصوليون؟! لم تدم شعلة الأسئلة بداخلي طويلا، حتى بدأت تخفت شيئا فشيئا، خاصة عندما رأيت طابورا طويلا من السيارات تصطف أمام محل بيع الغاز، كانت أغلب السيارات موديلات قديمة، وهو الجواب الشافي لسؤالي الأول والمتعالي وتأكيد على أنه لا يزال هناك أناس يستخدمونه، وهذا ــ بالطبع ــ لا يعود لكونه الوسيلة الأكثر أمانا، فانفجار أنبوبة كفيل بنسف شقة بأكملها، وليس لأنه الوسيلة الأسهل استخداما، فحمل الأنبوبة خاصة للأدوار العلوية متعب وشاق للغاية، ولكن لأنه المصدر الأقل تكلفة والذي يمكنه أن يتلاءم مع ميزانية الطبقة الكادحة.
كنت سأتوجه بسؤالي الثاني إلى (أرامكو) لمعرفة الإجابة حوله وما إذا كانت ستنتهي قريبا من المشاريع التي أعلنتها لتوسعة طاقة خطوط الأنابيب أو إنشاء وتشغيل محطات غاز جديدة لزيادة الإنتاج؟! ولكن الأخبار المتداولة حول الأزمة، أضعفت كثيرا من شعلة هذا السؤال المبطن، كيف لا وهي تشير ــ من جهة أخرى ــ إلى وجود خلافات حادة بين شركة الغاز والعاملين فيها، خلافات تتعلق بكثرة الاستخدام وعدم الاهتمام وتدني الرعاية، ما أدى إلى تراكم الدهون وبقايا فضلات الممارسات التعسفية حتى انسدت أغلب عيون البوتاجاز ولم تعد (تعمل)!؟
من جهتي لا يمكنني أن أتبنى مطالب أي شخص لمجرد التعاطف دون الاستماع لرأي الطرف الآخر، وأعرف أن للمطالبة بالحقوق طرقا يتيحها ويحميها النظام، من جهتي أدرك تماما أنه لا الأسرة ولا المجتمع يفترض أن يتحمل تبعات الخلاف الدائر بين العامل وصاحب العمل، وأن الراتب وكذلك الخدمة المقدمة لا يجوز استخدامهما كوسيلة ضغط، من جهتي أؤمن تماما بحق أي عامل التقدم بتظلم ضد المنشأة دون أن يلحقه جراء ذلك أي ضرر، من جهتي أتفهم الدفاع المستميت للشركة على كيانها متى اتخذت الشكوى منحى آخر غير رسمي هدفه التشهير والإساءة وتشويه السمعة (كما يحدث ذلك عبر مواقع التناحر الاجتماعي)!!
أعتقد بأن الجهل بحقوق وواجبات العاملين النظامية دفعت كل فريق إلى القيام بدحرجة أنبوبة الخلافات دون أي مراعاة لقواعد السلامة العامة، ومن كانوا يحذرون من عدم فتح النور داخل الشقة إذا دخل إليها الشخص واشتم رائحة غاز حتى لا تنفجر الأنبوبة وتحدث الكارثة، رأيناهم اليوم يتجاهلون نصائحهم ويفتحون النور على مشكلاتهم وخلافاتهم إلى أن تفاقمت الأزمة، فهل سنقبل منهم بعد اليوم أي تحذيرات، وقد غدوا مثلا أعلى للاستهتار واللامبالاة، أم أننا سنتبادل الأدوار ونطلق أولى تحذيراتنا البدائية لهم ونقول (لا تلعبوا يا شطار بأنبوبة الغاز)!.
نقلا عن عكاظ
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال