3666 144 055
[email protected]
كثيراً ما نقرأ أو نسمع عن معدلات التسرب أوالدوران الوظيفي في أغلب المؤسسات أو الشركات بمختلف جنسيتها وتنوع أنشطتها سواء على المستوى المحلي أو العالمي، هو مما لا شك فيه يعتبر أمراً سلبياً يراه المراقبون في هذا الشأن والمختصون بأنه أحد أهم المؤشرات التي يمكن التنبؤ من خلالها بالعمر الافتراضي لنهاية عمر المنشأة. كما أن هذه الصورة السلبية التي قد تطرأ على أي منشأة تحتضن بين جنباتها هذه الطاقة البشرية التي يحتاج إليها لبناء المنظمة وتحقيق الأرباح قد تقودها إلى الهاوية في يوم ما. و مما يجعل معالجة هذه الصورة السلبية أو بناء هوية جديد أمراً في غاية الصعوبة وذلك لوقوع المنشأة فيما يعرف بـ “مخاطر السمعة” والتي سينتج عنها بالتأكيد تدفق الخبرات والمعلومات خارج المنشأة وتصبح المنشأة مكشوفة أمام منافسيها.
و مما يسهم في عدم ثقة الموظف في المنشأة التي ينتمي إليها “بيئة العمل السلبية” حيث أن الموظف المنتظم يقضي في عمله ساعات متتالية قد تكون في بعض الأحيان أكثر من الساعات المحددة حسب النظام وهو في هذا الحال يشعر بعدم الراحة لأسباب قد ترتبط بعد وجود الأمن والآمان الوظيفي أو تهيئة الموقع أو التعامل السلبي أو عدم التقدير والتحفيز أو غيرها من الصور السلبية المختلفة، و تؤكد برايان ديروش، مؤلفة كتاب «لا تعتقد أن مديرك هو والدتك»، أن الموظف أو العامل يحتاج إلى توافر ثلاثة أمور أساسية، لكي يتمكن من العمل بشكل سليم، وهي: «أولاً، الشعور بالانتماء إلى المكان وإلى الجماعة التي يعمل معها وأن يكون معروفاً في وظيفته. ثانياً، الشعور بأنه كفء وبأن عمله موضع تقدير. وثالثاً، الشعور بأنه مقبول ومحبوب من قِبل الآخرين».
وعند التأمل في واقع الغالبية من الشركات العاملة في المملكة العربية السعودية نجد أنها تفتقر للعمل الإحترافي في بناء هذا الجانب المهم فضلاً عن وجود وعي أو إدراك بأهمية “بيئة العمل”. و ما ينتج عنه في حل تحقق رضا الموظفين، بالرغم ما تنفقه بعض هذه المنشآت من حوافز سنوية، و هو ما يثبت وجود خلل في بناء الجانب الثقافي والتوعوي لتلك المنشآت؛ كما أن غياب الأنظمة والتشريعات التي تعزز من قيم بيئة العامل أسهمت في تعميق هذه الفجوة لنسمع بين الفنية والأخرى عن تلك الممارسات التي لا تجد لها مبرر في كثير من أحوالها.
يعرف روبرت ليفيرنغ، المؤسس المشارك لمؤسسة «Great Place to Work Institute» أفضل بيئة عمل بالقول “إنها حيث تثق في الأفراد الذين تعمل لهم، وأن تفخر و تعتز بما تعمل، وأن تستمتع مع الأفراد الذين تعمل معهم” , لذا نجد أن الشركات العالمية أصبحت تهتم بهذا الجانب إلى حد ما يراه البعض بـ “المبالغة”. و عند الحديث عن بيئة العمل في تلك الشركات فإن أول ما يتبادر إلى الذهن النماذج الإحترافي التي تقدمة شركة “قوقل” هذه الشركة التي بدأت كمحرك بحث مروراً ببرنامج “Google Earth” والذي يجعلك تحلق في الفضاء وأنت جالس في مكانك حتى أصبحت اليوم من كبرى شركات المعلومات في العالم، لا يمكن أي مستخدم للإنترنت أن يستغني عن منتجاتها أو خدماتها. ما الذي جعل شركة “قوقل” تصل إلى هذا المستوى من الإبداع والتطور والثراء؟! لا شك أن بيئة العمل والمورد البشري الذي وجد نفسه في بيئة محترمة تقدر وقته وجهده من أهم عناصر النجاح.
إن ما تحتاجه أي منشأة للوصول الى مستويات متقدمة من المنافسة والتميز وتعظيم الثروة هو الرقي بأساليب وممارسات الإدارة والقيادة، و توفير برامج التدريب والتطوير التي تساعد على فرع مستوى المهارة والكفاءة لدى الموظفين، كما أن السياسات المحفزة المادية و المعنوية تضع الموظف أمام هدف يشعر من خلاله بأهمية الإبداع والتميز في الأداء. ومما يميز بيئة العمل الإحترافية هو تهيئة الجو العام الذي يدعم العمل الجماعي، و وسائل الترفيه والجوانب الاجتماعية للموظفين وأسرهم والرعاية الصحية التي أصبحت من المزايا التفضيلية بين منشأة وأخرى، إلى غير ذلك من المعايير والعوامل الجاذبة التي تسهم في تحقيق سعادة ورضا الموظفين مما ينشأ عنها غرس الانتماء و الولاء وهو ما تحتاجه أي منشأة لتحقيق النجاح.
نايف
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734