كيف نجحت كوريا الجنوبية؟

باحثة دكتوراه في أمن الطاقة
Sam_Tardi@

لا يخفى على الكثيرين ما حققته كوريا الجنوبية من نمو اقتصادي سريع خلال النصف الثاني من القرن العشرين، بإمكاننا أن نطلق على كوريا الجنوبية – البلد المعجزة – فبعد سنوات من حروب مُدمرة مع كوريا الشمالية و بعد الاستعمار الياباني استطاعت كوريا الجنوبية أن تقف مجدداً و أن تحقق تنمية اقتصادية شاملة وقفزة تاريخية جعلتها تتحول من اللاشيء إلى دولة تملك قوة اقتصادية، تجارية، تكنولوجية وصناعية تتحدى دول العالم أجمع.
خلال الحرب الكورية عام 1950 – 1953 انهارت كوريا الجنوبية انهياراً محزناً، ربع البنية التحتية دُمرت و 40% من المباني السكنية دُمرت أيضاً و شمل الدمار حوالي 80% من محطات توليد الكهرباء في البلاد، 68% من المصانع و 46% من شبكة سكة الحديد حتى أصبحت كوريا الجنوبية تعيش على المعونات الخارجية بشكل كامل وتطلب يد العون و المساعدة من بقية دول العالم.

السؤال … كيف نجحت كوريا الجنوبية؟ كيف استطاعت دولة مُدمَرة بالكامل أن تتحول إلى دولة تتحدى اقتصاديات العالم؟ السر وراء هذا النجاح العظيم يكمن في قوة الإرادة و التخطيط و القدرة على مواجهة الصعوبات ومنح التنمية الاقتصادية أهمية كبرى. كوريا الجنوبية لم تقف مكتوفة الأيدي تطلب فقط العون والمساعدة و لكنها اجتهدت وثابرت حتى وصلت إلى ماهي عليه الآن.

من أكثر الأمور التي كانت سبباً في نجاح كوريا الجنوبية هو الإيمان بالطاقات البشرية قبل كل شيء، العقل البشري هو السر وراء التطور الكوري الآن، العقل البشري هو من قام بوضع الخطط وساهم بشكل رئيسي في نجاح دولة تفتقر إلى الموارد الطبيعية وتعاني من شح في رأس المال. استثمرت كوريا الجنوبية في العقل البشري عن طريق تكثيف الاهتمام بالتعليم والمدارس، و بالرغم من الأزمة المالية الحادة التي كانت تمر فيها كوريا الجنوبية إلا أنها قررت أن ترفع من نسبة الإنفاق على التعليم من 2.5% في الخمسينات إلى حوالي 23% خلال فترة الثمانينات. والدليل على إصرار كوريا الجنوبية على التطور قامت بإبتعاث أعداد كبيرة من الطلاب والموظفين إلى الخارج حتى يستفيدوا من العلم و الخبرات والتكنولوجيا التي كانت تفتقر إليها البلاد تلك الفترة.

أخيراً … بإمكان أي دولة أن تكرر المعجزة الكورية، فقط تحتاج الدول أن تؤمن بفكرة التغيير للأفضل و الإصرار على بناء مستقبل مستدام لا يعتمد على مصدر دخل مهدد بالزوال. سر النجاح يكمن في الإرادة والتخطيط والأهم من ذلك التنفيذ. ومن يدري فقد يسجل التاريخ قريباً اسم دولة عربية تحقق نجاحاً اقتصادياً موازياً لنجاح كوريا الجنوبية.

خان