3666 144 055
[email protected]
رئيس تنفيذي لشركة استثمارية – دبي
ahmad_khatib@
في مجتماعتنا الشرقية، تطغى النظرة الشخصية عند تقييم الموظفين لأداء المدراء. أي أن تعامل المدير مع الموظفين والمرؤسين بطريقة لطيفة يجعله في نظرهم مديرا جيدا والعكس صحيح، وذلك يغفل العوامل الحقيقية لتقييم اداء وتعامل المدير، وأتحدث هنا عن مدى تأثير المدير كقائد على الموظف وليس أداءه بالنسبة للشركة.
ما يجب أن يهم الموظف هو مدى تأثير المدير على تحقيق الموظف لأهدافه العملية والمهنية. المدير عليه أن يوجه ويحفز ويعطي الملاحظات ليتمكن الموظف من تطوير نفسه وتحقيق النتائج المطلوبة. يختلف الأداء من شخص لآخر وتختلف بالتالي قدرة الأشخاص على تطوير أنفسهم والوصول للأهداف. تختلف أيضا خلفية كل شخص من حيث التربية والنشأة والتعليم. لذلك لا يمكن التعامل مع الجميع بأسلوب واحد.
نميل بطبعنا لتفضيل الأسلوب المهذب وغير المباشر في التعامل في شتى أمور حياتنا، وحتى في العمل نفضل الأسلوب عينه. فالمريح دائما هو العمل تحت إدارة شخص بشوش يبتسم دائما، لا يغضب، مستعد للنقاش لأوقات طويلة في أي أمر. اذا وجدنا ذلك الشخص، فإننا نعتبره مديرا جيدا بغض النظر عن النتائج، لو كانت النتائج سيئة لوجدنا له أعذارا مثل الحظ أو عدم التوفيق. بمعنى أخر، أنه اذا كان المدير محبوبا، فإنه بالتالي نموذج المدير الجيد.
في رأيي أن الصفات الشخصية الحميدة في التعامل مطلوبة كأساس في المدرس مع تلاميذه أو في الطبيب مع المرضى أو في الموظفين مع العملاء، ولكنها ليست معيارًا أو أساسا يُطلب توفره في المدير. المهم في أداء المدير مع الموظفين هو أن يوصل الفكرة لهم بأوضح طريقة وأسرع وقت. ليس مهما اذا ما أعجبهم الأسلوب أم لا اذا كانت الفكرة وصلت. أفضل مثلا أن يقال للموظف: هذا التقرير الذي أعددته ليس على المستوى المطلوب ولا يرقى لنوعية العمل المطلوبة، على أن يقال له: هذا التقرير جيد ولكن ممكن أن يكون أفضل، ويبدو أنك تمر بظروف معينة لذلك لم تقم بالعمل على أكمل وجه. عند إعطاء التوجيهات، ليس على المدير أن يقيم حالة الشخص الذهنية أو العائلية أو غير ذلك. الهدف الرئيسي هو إيصال الفكرة واضحة وسريعة. من حق الموظف أن يعرف الرأي الواضح والصريح حتى لو أزعجه ذلك وهو ما سيساعده على تطوير نفسه. اذا ساهم المدير في إيجاد الأعذار للموظف فإنه بشكل غير مباشر يرسخ فكرة الأعذار الخارجية عوضا عن توضيح التقصير من قبل الموظف.
كل شخص بطبعه لا يحب الانتقاد أو التوبيخ، ولكننا لا نذهب الى العمل من أجل أن نتمتع بسماع الكلام الجميل والمنمق. نذهب الى العمل لتحقيق الأهداف وتطوير أنفسنا لنصبح أفضل. قد توصف الأساليب الواضحة والمباشرة بكونها فظة ووقحة، ولكن لا بأس في ذلك. في حدود عدم الإهانة الشخصية، كل شيء مقبول. لا يوجد إهانة في القول أن الأداء أقل من المتوقع أو أن العمل لم يحقق النتائج المطلوبة أو أن أسلوب العمل المستخدم هو أسلوب خاطيء، ولا أجد في ذلك كله قلة احترام. على العكس تماما، أرى ذلك ضروريا وأساسيا.
ولكن لماذا لا يمكن الجمع بين الأسلوب الواضح الصريح والعلاقات الشخصية الجيدة؟
لا يوجد ما يمنع ذلك ولكنه يعتمد على تقبلنا للأسلوب المذكور وفصله عن العلاقة الشخصية. فلا نعتبر مثلا توجيه ملاحظات سلبية دليلا على كره المدير للموظف. ولا نصف التوجيهات القاسية بأنها مستقصدة وموجهة لأهداف أخرى. لو أمكننا فصل الأمور بشكل مهني لما واجهنا أي مشكلة، لكن ذلك صعب بسبب طبيعة مجتمعاتنا.
المدير الناجح برأيي يجب أن يكون وقحا، لكن بشكل مهني.
*سلسلة مقالات في الادارة
الخطيب
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734