3666 144 055
[email protected]
كنت أنوي كتابة مقال عن الاقتصاد المعرفي، نظرًا لأهميته في ظل التوجه الاقتصادي في التقليل من الاعتماد على النفط عن طريق تنويع مصادر الدخل الأخرى. إلا أنني حينما بدأت تجميع أفكار المقال وجدت بأن الحديث عن الأهم الذي هو “الوعي الاجتماعي” أولى من الحديث عن المهم الذي هو “الاقتصاد المعرفي”. حيث لا يزال مجتمعنا يواجه تحديات ثقافية واجتماعية عميقة خاصة إذا ما ربطنها بالبعد الاقتصادي.
ربما هذه التحديات تشكلت لأسباب عديدة ليس هذا مقام ذكرها، إلا أن الأهم في الموضوع هو أن نعرف التحديات و العقبات التي تواجه ما يعرف بـ”اقتصاد المعرفة” الذي هو لُبّ المقال قبل الخوض في بيان أهمية اقتصاد المعرفة في عصر الإبداع والإبتكار البشري والتقني الذي أسهم في بناء اقتصاديات معرفية تضاهي في بعضها اقتصاديات بعض الدول النفطية.
في الحقيقة، لا يمكن لمجتمع أن يتقدم خطوة ما لم تسخر الإمكانيات التعليمية و الثقافية و المعرفية نحو أهمية هذه الخطوة وتأثيرها على المجتمع، وللآسف – أقولها بمرارة- أننا لو تأملنا مخرجاتنا التعليمة و مؤسساتنا الثقافية و المعرفية سواء البحثية أو التطبيقية لعلمنا بأننا نتبع سراباً حينما ننادي بالتحول والتطور إلى مفاهيم حديثة تساعد على تحقيق الاقتصاد المعرفي في جوانب عديدة من اقتصادنا.
ولا زلت مقتنعاً بأن كثير من مؤسساتنا الحكومية المعنية في الجوانب التنموية لا تقدم ما يلبي حاجات أبناء الوطن نحو تحقيق منجزات ملموسة وليست “صورية” وخاصة أن بعض تلك المؤسسات الحكومية أصبح شغلها الشاغل هو تسويق المنجزات والاستعراض بالأداء في زوايا ضيقة جداً لا تتجاوز ثقب الإبرة دون أن يكون لها أي أثر استراتيجي!
يجب أن نواجه الواقع بصدق من خلال العمل الجاد لبناء الإطار التعليمي الهادف المبني على مفاهيم ومبادئ ونظريات علمية حديثة، وممارسات ناجحة تغرز في عقول النشأ الإطار الصحيح و الحديث فضلاً عن مناهج التعليم العالي والتي أصبح بعضها غير قابل للقراءة، فضلاً عن التعلم، لتعارضه مع الواقع نظريا وعمليا!
وكما لا يقل كل من الإطار الثقافي والمعرفي أهميةً عن الإطار التعليمي، والمتأمل لواقع الدول المتقدمة لا ينكر أثر هذين الإطارين في تشكيل المعالم الاقتصادية والفكرية والحضارية لتلك الدول في ماراثون زمني يسابقون به الوقت لنسمع في كل لحظة –دون مبالغة- عن إبتكارات علمية وتقنية واقتصادية وغيرها مما لا ينقضي منها عجب المتابع!
نعم نحتاج إلى بناء اقتصاد معرفي يقوم على أسس ممنهج وذلك وفق مشروع استراتيجي متكامل ليكون الهدف من هذا المشروع هو الإنطلاق من حيث ما وصلت إليه المجتمعات المتقدمة وليس في تتبع أثرها كما هو حالنا في كل جانب، وخاصة أن اقتصاد المعرفة يقوم على قواعد مستمدة من أصول غير ملموسة نابعة من العلم و الإبتكار والإبداع بخلاف ما كان عليه الأمر في المفاهيم التقليدية والتي تعتبر الأرض والعمالة ورأس المال هي العوامل الأساسية للإنتاج في الاقتصاد، و هو ما يدرس حتى الآن في بعض جامعاتنا!.
نايف
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734