3666 144 055
[email protected]
الأزمة المالية الأمريكية عام 2008 والتي بدأت بشهر سبتمبر، كان أهم الحلول التي فرضها البنك الفيدرالي الأمريكي هو ” التيسير الكمي أو المالي ” وهو عملية ضخ سيولة في الاقتصاد لكي يعود الانتعاش والنمو وفرص العمل وخفض المديونيات أو هكذا يفترض، وبدأت فعلا عملية ” التيسير الكمي ” ومعها ارتفعت المديونية الأمريكية وأصبحت تلامس أو وصلت الآن إلى 18 تريليون دولار، ولكي نكون اكثر دقة وصلت في 17 مارس إلى 18.133 تريليون دولار، وحين تولى الرئيس أوباما الرئاسة في 2009 كان الدين وصل إلى 10.6 بلايين دولار واليوم نتحدث عن 18 تريليون دولار ويزيد، وحقق الاقتصاد الأمريكي النمو وانخفضت البطالة الى 5.5% وارتفع الدولار الأمريكي وارتفعت البورصة الأمريكية من الداو الذي تجاوز 18 الف نقطة أو لامسها وهي أرقام قياسية.
هل كل هذا يعني أنه اقتصاد قوي وصلب ولا يعاني من الشوائب والمصاعب ؟! أوروبا نفس القصة أو تقاربها مع اختلاف معايير المقارنة، بين حجم اقتصاد لدول اليورو ودولة واحدة هي أمريكا، دول اليورو تعاني من مصاعب أكبر واشمل، فهي دول عديدة، وتباين اقتصادي كبير، ودول تملك القوة الاقتصادية كاتحاد أوروبي مثل ألمانيا وبريطانيا، ودول تعاني بشدة كبيرة كاليونان وأسبانيا وغيرهما، ولا يمكن وضع وصفة سحرية للحل الاقتصادي وبدأت عمليات التيسير الكمي أيضا بأوروبا، بدأ السيناريو المشابه لما حدث بأمريكا وهو، انخفاض اليورو كبداية، ارتفاع البورصات، وهذا سيدعم التصدير لاحقا في اوروبا لكي يعود الانتعاش للضخ في أوروبا، رغم أن الهجرة للبحث عن فرص عمل مرتفعة اوروبيا كما حدث بأسبانيا ووصلت إلى 2,2 مليون مهاجر للبحث عن العمل.
التيسير الكمي هو أول الحلول التي بادر بها البنك المركزي الأوروبي والفيدرالي الأمريكي، اطبع النقود واشتر سندات حكومية، هو أهم ما بادرت به البنوك لكي تواجه حالة الانكماش والركود، رغم أن الفائدة الان تقترب من الصفر، ولكن لم تحل مشكلة الاقتصاد الأوروبي وهي التي انعشت الأمريكي، وتظل هذه الحلول “حالة إنعاش” لا حلا جذريا ومؤسسيا وحقيقيا لهذه الاقتصادات فهي ضخمت أسواق المال بأكثر مما تستحق، ومن يراقب شهر مارس وقبله سيجد كبار المستثمرين مثل وارن بافيت وسورس وغيرهما يخفضون كمياتهم من الأسهم ويخرجون والأرقام كبيرة، لماذا؟! هي قراءتهم التي تستدل على تضخم سعري للبورصات والبورصات نفسها بلا مبرر اقتصادي أو نتائج مالية تستحق، وارتفاعات كبيرة لضعف الفرص الاستثمارية ولا سبيل لغير ذلك، فأين ستذهب الأموال في ظل هذا الركود وهذا الضخ من السيولة والطبع لها ؟
إنها للبورصات والأسواق التي ستتضخم حتما، ثم ماذا ؟ هذا ما خلق المخاوف إلى أين الارتفاعات ستستمر، ومتى تتوقف عند قيم تستحقها او قريبة منها ؟! الاقتصادات لا تتعافى بأوكسجين صناعي ولا بالعناية المركزة المستمرة، الاقتصاد يحتاج هواء طبيعيا ومعطيات حقيقية ونموا متوازنا، وقوة من ذات الاقتصاد وأرقاما حقيقية تعكس واقعه، وليس بأموال تطبع وتضخ فعواقب ذلك وخيمة وقاسية كالذي يحصل على شهادة طب مزيفة ويعالج المرض، هذا لا يستوي، قوة الاقتصاد من ذاته لا من غيرها.
نقلا عن الرياض
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734