الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
رئيس تنفيذي لشركة استثمارية – دبي
ahmad_khatib@
هل يمكن للمدير ان يكون صديقا لموظف؟
بكل تأكيد. فالمدير انسان له مشاعر و خصائص شخصية قد تتوافق مع اي شخص اخر يتعرف عليه، وإذا ما زادت المعرفة وتوسعت الاهتمامات المشتركة من الممكن جدا ان تتحول اي علاقة الى صداقة. هذا طبعا اذا لم يضع المدير حاجزا مسبقا لمنع تطور علاقته بالموظف الى صداقة. فهناك مدراء يعتبرون ان العلاقة بينهم وبين مرؤوسيهم يجب أن تكون لها حدودا كي لا تُمَس هيبة المدير وهويته السلطوية. المدير الذي يضع حدودا، لا يسمح بأن تتجاوز الحوارات والمناقشات الأمور العملية و بكل جدية لأنه يعتبر التبسط مساسا بهيبته وقدرته على إدارة الموظفين فلا تتجاوز العلاقة في تلك الحالة علاقة العمل البحت.
اما الشخص الذي لا يضع حدودا مسبقة ويتصرف بشكل طبيعي، فهو يتعامل مع الموظفين كأشخاص آخرين يعمل معهم و يشاركهم جزءا مهما من يومهم لفترات وسنوات طويلة. يقضي الشخص في العمل وقتا من يومه يفوق ما يقضيه مع عائلته أو مع أصدقائه، لذلك فإن مجال نشوء علاقات شخصية متوفر بشكل واسع في بيئة العمل. كثير من علاقات الزمالة تتحول الى صداقات متينة، لكننا هنا نناقش صداقة الرئيس بالمرؤوس.
في العلاقات بين البشر تتكون الصداقة عبر تبادل الحوارات بشكل متكرر الى ان يجد الأشخاص اهتمامات مشتركة مصحوبة بارتياح متبادل بين الشخصيتين فيزداد التقارب وتنمو الصداقة. كل ذلك ممكن ان يحدث بين المدير والموظف.
هل يجب ان يحاول المدير ان يكون صديقا للجميع؟
لو حاول أن يقوم بذلك فهو سيفشل بدون شك. لا يمكن لأي شخص أن يصادق أي كان لمجرد أنه قرر ذلك. الصداقة علاقة متبادلة وليست من طرف واحد، كما أنها تعتمد كما ذكرنا على الطباع الشخصية والاهتمامات المشتركة. فلا يمكن أن يكون لجميع الموظفين نفس الاهتمامات التي لدى المدير، وإذا تعمد أن يقوم بصداقة كل موظف فإنه بالتأكيد سيتصنع ولا يمكن لتصنع من هذا النوع أن ينجح.
هل تعمر صداقة المدير بالموظف طويلا؟
لا يوجد قاعدة بذلك، فهذه العلاقات من النوع الخطر والحساس جدا. فعندما تصل العلاقة الى مستوى الصداقة الحقيقية، فهذا يعني أن الشخصان يعطيان أولوية للصداقة على أشياء أخرى، لكن الأشياء الأخرى هنا تتضمن متطلبات العمل ومسؤولية المدير في اتخاذ قرارات قد تكون معاكسة لرغبة الموظف. بالاضافة الى ذلك فإن نظرة الآخرين للعلاقة قد تظلم الموظف الذي قد يحصل مثلا على ترقية مستحقة ولكن البعض يعتبرها بسبب علاقة الصداقة مع المدير. والعكس ايضا صحيح، فقد يكون الموظف مقصرا فيجد المدير الصديق صعوبة في منحه تقييما سيئا.
لا اعتقد ان صداقة من هذا النوع يمكن فيها الفصل بين العمل والعلاقة الشخصية بسهولة. الصديق يتجه الى صديقه عندما يواجه صعوبات حياتية او عملية طالبا النصح والمشورة. قد يقصد صديقا شاكيا من ظروف العمل، ويقوم ذلك الصديق باقتراح ان يبحث عن عمل اخر. هل يمكن لمدير ان ينصح صديقه الموظف بأن يبحث عن مكان أفضل للعمل؟ صعب جدا. اذا حصل المدير على معلومات سرية بخصوص الشركة تؤثر على مستقبل الموظفين، هل يخبر صديقه الموظف لتحذيره؟ هل يخون صديقه أم يخون أمانته الوظيفية؟
في اعتقادي أنه من الطبيعي جدا تكوّن ونشوء صداقات بين المدراء والموظفين، ولا مشكلة في ذلك على الإطلاق اذا كان المدير كفؤا ويمكنه السيطرة على جو العمل والاستمرار باتخاذ القرارات وإدارة العمل كما يجب. لكن تلك الصداقات دائما ستكون معرضة للانهيار عند اي اختبار اكثر من غيرها من العلاقات.
*سلسلة مقالات في الادارة
الخطيب
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال