فك الاحتكار

توصل مجلس المنافسة – أخيرا – إلى قرار الرفع بطلب فك احتكار شركة واحدة لكل عمليات النقل البري، الأمر الذي أثر في نوعية الخدمة وأسلوب التعامل وتقبل الناس لها. مسمى المجلس يكشف أهمية المنافسة وضرورة تشجيعها في كل مناحي الحياة.

المنافسة هي الوسيلة الأهم في التغيير والتطوير للأفضل، لهذا السبب تحارب دول العالم مفهوم الاحتكار وسلوكياته. اقتصادات الدول الكبرى أصبحت كذلك بسبب تشجيع المنافسة. المشاركة والتحدي بغرض البقاء في المقدمة هما النتيجة الحتمية لذلك.

يُشكَر المجلس على قراره الذي يدل على أننا نتنفس هواء جديدا. هذا الجو الصحي يجب أن تنتشر ملامحه، وأن ينطلق لفك الاحتكار في أكثر من مجال. عندما نتحدث عن الخدمات نجد أن الشواهد أمامنا تدفع بهذا الاتجاه، فمكالمة الجوال التي كانت تكلف المواطن ريالا ونصفا للدقيقة أصبحت تكلفتها لا تتجاوز عُشر تلك القيمة، بل إن العروض التي تقدمها الشركات تدفع بالسعر لأقل من ذلك، وأرباح شركات الاتصالات على ما هي عليه من القوة، وهي من أكبر موظفي المواطنين.

هل نعود للحديث عن الشركات الكبرى التي تسيطر على مجالات معينة مثل “الكهرباء” و”أرامكو السعودية”؟ نعم، فالمجال هنا يستدعي أن نفتح جميع المجالات ونتعرف على مناحي الاحتكار لنحاربها ونضمن الأفضل للمستهلك والوطن. لكن الحذر يجب أن يواكب عمليات فك الاحتكار لئلا نقع فريسة الاختيار السيئ.

عمليات فتح السوق تستدعي الدراسة العلمية المفصلة التي تحقق اختيار أفضل المتنافسين. عناصر الترشيح والاختيار والتعامل يجب أن تكون شفافة، ومفتوحة ومطبقة على الجميع. بهذا نعني أن يعامل الجميع بالمستوى نفسه، وتفرض عليهم القيود والرسوم نفسها التي تفرض على مقدم الخدمة الأساس.

يجب ألا نقع فريسة التفضيل غير المبرر، كما حدث مع فك احتكار الخطوط لخدمات النقل الجوي. تعرض بعض الشركات للخسائر كان نتيجة الدفع بها للعمل في مطارات معينة، وإلزامها برسوم لا تلتزم بها الخطوط.

يمكن أن يفعَّل مجلس المنافسة بشكل أكبر، ويُمنح صلاحيات أوسع لدراسة وتفعيل التنافسية التي تفيد السوق، وأهم من ذلك كله فك احتكارات يعانيها المواطن في مجالات الصناعة والتجارة والوكالات والخدمات. ففي ذلك خدمة للمواطن ودعم لتنوع الاقتصاد ومساهمة في تحسين جاذبية الأسواق للمستثمرين المحليين والدوليين.
نقلا عن الاقتصادية