الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد (نزاهة) كشفت مؤخراً عن حالة فساد يمكن القول إنها أكبر عملية تعلن عنها الهيئة خلال السنوات الأخيرة..
حيث تضمن الخبر الوارد في عدد صحيفة الرياض رقم “17154” الصادر يوم الجمعة الماضي (أن هيئة الفساد قامت بمتابعة إجراءات نزع ملكية عدد من العقارات لصالح تنفيذ إحدى الطرق من قبل وزارة النقل في محافظة الخرج وكلفت الهيئة فريق عمل متخصصاً بمتابعة الإجراءات المتبعة في نزع تلك الملكيات والاطلاع على محاضر تقدير قيمة تلك الأراضي ومقارنتها مع أسعار الأراضي في نفس الموقع واتضح للهيئة وجود مبالغة كبيرة في تقدير قيمة سعر المتر المربع في الأراضي التي تم نزع ملكيتها لصالح مشروع الطريق المذكور من قبل اللجنة المكلفة بتقدير قيمة تعويض العقارات المنزوعة، حيث تبين للهيئة أن محضر اللجنة المشار إليها تضمن أن تلك الأراضي سكنية، خلافاً للواقع، حيث إنها أراض زراعية، كما تبين للهيئة أن تقديرات اللجنة لتلك العقارات تراوحت (300 400) ريال للمتر المربع، في مواقع لا يتجاوز سعر المتر المربع فيها عشرة ريالات فقط! وصدر توجيه المقام السامي الكريم بإيقاف صرف مبالغ التعويضات المتبقية للعقارات الواقعة على مسار الطريق، واسترداد المبالغ التي تم صرفها لأصحاب العقارات زيادة عن المستحق لهم، مع إحالة أعضاء اللجنة التي قامت بتقدير تعويض العقارات المنزوعة لصالح مشروع الطريق للجهات المختصة لإجراء المقتضى النظامي بحقهم).
حقيقة خبر يستحق الكثير من الأوصاف والألقاب عن هذه الحالة.. فهي من الممكن أن نسميها.. تزويراً.. كذباً.. رشوه.. استهتاراً.. لامبالاة.. خيانة للأمانة.. جريمة..إهمالاً.. إهدار المال العام.. وغير ذلك من الأوصاف التي يحق أن تطلق على هذا الحالة التي أعلنت عنها هيئة مكافحة الفساد!!
الخبر حمل الكثير من الحقائق.. خبر حمل العديد من المآسي.. خبر قدم كماً من صور الاستغراب والتعجب!! خبر قدم لنا جزءاً يسيراً من الخفايا عن أساليب الفساد.. خبر يبدو أنه يخفي بين ثناياه الكثير من الوقائع التي لازالت حبيسة الأدراج والملفات التي لو تحدثت لقدمت لنا الكثير من المفاجأة!!
أرض زراعية حولت (كذباً) إلى أرض سكنية لمبرر رفع قيمة التقديرات ثم رفع السعر لها من “10” ريالات إلى “400” ريال مما يؤكد “جسارة” وجراءة أعضاء هذه اللجنة في ارتكاب حالة الفساد هذه علنا! كيف حدث هذا؟! لكن المؤكد أن الوضع يتطلب اليوم إعادة النظر ومراجعة الكثير من المهام السابقة لهذه اللجنة على المستوى الفردي والجماعي وغيرها من اللجان المماثلة في مثل هذه الأعمال للتأكد من عدم وجود تكرار لهذه الحالة في بقية المواقع وفي عموم الجهات.
شكراً هيئة الفساد على هذا الجهد.. وشكراً على هذه الشفافية التي جاءت في عهد الحسم والحزم.. ولكن كنا نتمنى من هيئة الفساد المزيد من الإيضاح حول هذا الخبر وكيف كان الاكتشاف هل هو من قبل منسوبي الهيئة أم من قبل أحد المواطنين المتعاونين المخلصين أعداء الفساد وأنصار النزاهة!!؟. كما كنا نتمنى من الهيئة أمام هذا الخبر وهذا الجهد المشرف أن تقدم معلومات أكثر عن حالة الفساد هذه من مبدأ الشفافية!!
بعد هذا الخبر تأكد لنا اليوم الحاجة الماسة إلى التشهير بأسماء المفسدين وأعوانهم.. وهذا مطلب هام سبق أن طالب به معالي رئيس هيئة الفساد السابق عندما تحدث صراحة وقال (أما فيما يتعلق بالآليات التي قد تشكل رادعاً عن ارتكاب حالات الفساد، فأهمها التشهير بالفاسدين، وتطوير الأنظمة المجرمة للفساد، وتشديد العقوبات، إضافة إلى تضمين عقوبة التشهير بمرتكبي جرائم الفساد في تلك الأنظمة، وذلك بناء على الأمر السامي رقم (42626) وتاريخ 22/11/1434ه، القاضي بأن تقوم جميع الوزارات والأجهزة المستقلة بمراجعة ما تختص به من أنظمة تتضمن أفعالاً مجرمة يرى مناسبة التشهير بمرتكبيها، لما لها من آثار ضارة على الفرد أو المجتمع، واقتراح النص المناسب لإدراج عقوبة التشهير في تلك الأنظمة) صحيفة عكاظ عدد4552 بتاريخ 3/12/2013م
المؤكد انه بدون التشهير سيستمر الفاسدون ينهشون جسد التنمية ويصادرون المال العام!! وستقدم لنا مشروعات مشوهة.. مشروعات منزوعة الدسم!
نقلا عن الرياض
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال