الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
FatimalOtibi@
مستشارة قانونية
تشكل القروض البنكية خاصةً الشخصية منها عبئًا ماليًا هائلاً على معيشة الأفراد في المملكة بسبب أن معظم الأفراد الآن يتحملون قروضًا شخصية استخدمت في الغالب في تلبية احتياجات استهلاكية كالسفر للخارج أو نحو ذلك. هـؤلاء الآن يجدون صعوبة في تلبية احتياجاتهم اليومية الضرورية بما تبقى من دخلهم، بل ويجدون صعوبة كبيرة في تسديد القرض والانتهاء من أعباءه بسبب إغرائهم من قبل البنوك للدخول في عمليات إعادة تمويل تتسبب في تمديد فترة الاقتراض لفترات إضافية تجعلهم مدينين للبنوك لفترات طويلة جدًا.
أن مؤسسة النقد السعودي بسماحها لجهات التوظيف في المملكة بإصدار خطابات تلتزم بموجبها بتحويل راتب الموظف لبنك معين يتيح للبنوك رهن راتب الموظف كضمانة للقرض الشخصي الذي قدمه له ؛ مما يشجع البنوك على هذا النوع من الإقراض وانعكس ذلك على مضاعفة الأعباء المالية عليه، بسبب توسعهم في الحصول على قروض استهلاكية دون قيود بعد أن تلاشت المخاطر على البنوك وأصبحت غير معنية مطلقا بقدرة هذا المقترض على تحمل أعباء القرض.
ويأتي هذا الضمان في ظل أن البنك سيقتطع قسط القرض من راتب الموظف قبل وصوله إليه، وعليه أن يتدبر أمر معيشته فيما تبقى من دخله دون أن يشاركه البنك بأي مخاطر في ظل هذا التنظيم غير المنطقي وألا مقبول أبدًا فالاستغلال صريح للمقترض من غير مراعاة كطريقة لحفظ حق البنك.
هناك حاجة وضرورة لقيام مؤسسة النقد بواجبها المتمثل في حماية المتعاملين مع النظام البنكي من استغلالهم من قبل البنوك بصورة جائرة وتحميلهم مالا يطيقون بسبب وجود تنظيم يحميها من المخاطر المرتبطة كافة بالإقراض الشخصي، وذلك بوقف ضمان تحويل راتب المقترض إلى البنك، ومنع جهات التوظيف من منح مثل هذه الضمانات وإعطاء الموظف كامل الحق في تحويل راتبه لأي بنك يريده ما يقطع الطريق على البنك من استخدام تحويل راتب الموظف كضمانة للقرض الشخصي.
هذا الاستغلال السيئ من قبل النظام البنكي خاصة لهذا النظام يبدو واضحًا وجليًا من خلال توسعه الكبير في القروض الشخصية وكون ما يزيد على 70% من قروض البنوك السعودية “شخصية “. وتشير بيانات مؤسسة النقد، إلى أن هذه القروض هي قروض “استهلاكية ” وليست “أساسية” أو قروضًا استثمارية، على عكس الولايات المتحدة 80% من القروض الشخصية هي قروض رهن عقاري وإستثمار وليست قروضًا استهلاكية.
أعتقد مع مرور الوقت سيكون هناك تركيز أكبر على السجل الائتماني، وسيكون المقترض أكثر حرصًا على السداد دون الوصول إلى مرحلة التعثر، ومتى ما وصلنا إلى هذه المرحلة وأصبح لدينا ثقافة إئتمانية في السوق السعودية لن نحتاج إلى التزام بتحويل الراتب من العميل للبنك!
فالتزام تحويل الراتب حاليًا يتم بطلب وموافقة العميل وليس البنك، ويقوم العميل بالإجراء الرسمي، بناءً عليه لا يتم تحويل الراتب مرة أخرى إلا بطلب العميل بعد إخلاء الطرف.
فهذا الإجراء يؤدي إلى استغلال العملاء من البنوك؛ لأن البنك عندما يعلم أن العميل المقترض لن يستطيع تحويل راتبه أو الحصول على أي مزايا ائتمانية أخرى من أطراف أخرى خارج محيط البنك، يكون العميل هو ” الضحية” في المعادلة الائتمانية؛ لذلك نجد أن لدينا سوقًا مزدهرة لسماسرة سداد القروض المتعثرة، ولولا عدم قدرة العميل على الحصول على قرض آخر دون مساعدة خارجية لما اضطر إلى أن يدفع نحو 30 في المائة أو مايزيد من القرض الأصلي إلى السماسرة مقابل السداد والحصول على شهادة إخلاء طرف من البنك.
مما يحتم أن يكون هناك توازن بين مصلحة البنك بضمان حقوقه وحقوق العميل في عدم تعرضه إلى الاستغلال، خاصة فيما يتعلق بفرض بعض المنتجات عليه بسبب رهن راتبه لدى البنك.
لا شك أن البنوك تتبع أساليب منها رهن راتب المقترض وأساليب فيها الكثير من الإغراء وعدم الوضوح يتضرر العملاء منها، فيجب محاسبة البنوك التي تقوم بحملات دعائية لا تراعي فيها المصداقية والشفافية، ولكن يجب أن نعترف بأننا كمجتمع يسهل جذبنا من خلال الحملات الدعائية الميسرة شكليًا عند تسويق العروض حيث تظهر المزايا وتغيب الشروط والغرامات إن لم يسبق العميل وعيه في السؤال عنها، فيبدو الأمر سهلًا كالحلم الذي يتحول إلى كابوس عند المطالبة بسداد القسط عند تأخر العميل دون قراءة العقود ودون الإلمام أو الاستعانة بمستشار قانوني يلخص لنا ما لنا وما علينا في مثل هذه الحالات حتى لانكون ضحية نهب وإستغلال لعدم وجود ثقافة حقوقية كاملة تضمن لنا حقوقنا.
فاطمة
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال