الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
الأيام الماضية شهدت تقلبات في أسعار الأسهم بصورة مبالغ فيها، حيث توالت الانخفاضات في الأسواق العالمية وشملت السوق المالية السعودية والأسواق في منطقة الخليج، وانخفض المؤشر بنسبة ذهبت بأرباح العام كاملة، بل انخفضت عن النسبة المسجلة في بداية العام، ويبقى السؤال المهم، هل السوق المالية السعودية تستحق كل هذا الانخفاض؟
المتابع للنشاط الاقتصادي للمملكة يجد تحولات واضحة لهذا النشاط خصوصا في نشاط السوق المالية السعودية، حيث توسعت هذه السوق أفقيا ورأسيا، حيث تم طرح المزيد من الشركات المساهمة كما تمت إضافة مجموعة من الأدوات المالية مثل الصكوك الإسلامية، واستطاعت هذه السوق استيعاب الكثير من السيولة التي تسعى إلى اقتناص الفرص في سوق تتطور على مستوى المنطقة.
لا شك أن المتغيرات في الأسواق العالمية تؤثر في نشاط الأسواق والأسهم والسلع والمعادن والعملات فارتفاع الدولار وانخفاض أسعار النفط والمتغيرات التي حصلت في الصين من تقلب للأسواق المالية وتخفيض سعر صرف العملة مقابل الدولار أحدثت هزة في بعض الأسواق العالمية، كما أن التغير في تصنيف وكالة التصنيف الائتماني “فيتش” للمملكة من نظرة مستقبلية مستقرة إلى سلبية له أثر ولكن هل يصل إلى هذا الحد من الانخفاض؟
لا شك أن المضاربين في الأسواق المالية ينتظرون مثل هذه الأخبار لإيجاد فرص في السوق من خلال إحداث نشاط مفاجئ سواء بالارتفاع أو الانخفاض، حيث يتمكن اللاعبون في الأسواق من تحقيق أكبر مكاسب ممكنة، ومثل هذه الأخبار هي بالنسبة لهم فرصة كبيرة سواء للشراء أو البيع ومن ثم استعادة الحصص التي ينوون الحصول عليها، وبهذا يتمكن هؤلاء من تحقيق أرباح عالية جدا، ولذلك من الملاحظ وجود نشاط متقلب ارتفاعا وهبوطا خلال فترات قصيرة، وهنا نشير إلى جوانب إيجابية تحفز استقرار السوق، حيث إن السوق المالية السعودية تدار بطريقة تحد من نشاط ما يسمى الأموال الساخنة، حيث لا تزال إجراءات هيئة السوق المالية وشروطها تحد من دخول مثل هذه الاستثمارات وتشجع استثمارات الشركات الكبرى التي تعزز استقرار السوق.
إن مسألة تصنيف “فيتش” وانخفاض أسعار النفط لا يمكن أن يبنى عليهما نظرة طويلة أو متوسطة المدى، إذ إن الاحتياطيات النقدية للمملكة في مستويات جيدة وكافية لتغطية العجز لسنوات عدة، كما أن الكثير من المشاريع التنموية التي ترهق الميزانية خلال العقد الماضي أنجزت والأخرى يتوقع الانتهاء منها قريبا، والمسألة الأهم هي أن التوقعات لأسعار النفط مستقبلا متفائلة بل البعض يرى أنها يمكن أن تكون خلال أشهر. لا بد من الإشارة إلى مسألة وهي أن هذا المقال ليس يدعو إلى شراء الأسهم أو بيعها، ولكن من المهم النظر إلى الفرص التي يمكن أن تتشكل بسبب وجود موجة عارمة من الانخفاض، خصوصا أن الكثير من الشركات يتمتع بوجود إدارة بكفاءة عالية ويحقق نموا جيدا لعدة سنوات. كما أن بعض القطاعات قد يكون مستفيدا من هذه التحولات في الأسواق مثل قطاع التجزئة الذي سيستفيد كثيرا من انخفاض أسعار السلع.
لا بد من الإشارة إلى أن الاقتصاد السعودي واجه مجموعة من التحديات في السابق، حيث وصلت أسعار النفط فيها إلى أسعار أقل بكثير من الأسعار الحالية في ظل وجود ديون عالية، وميزانيات منخفضة، وانفتاح أقل اقتصاديا واعتماد بشكل شبه كامل على عائدات النفط ووجود تقلبات سياسية في المنطقة، ومع كل ذلك نجده اليوم يحقق نموا جيدا، ومع وجود توقعات يمكن أن توصف بأنها سلبية إلا أن توقعات صندوق النقد للنمو في الاقتصاد الوطني خلال الأعوام المقبلة تعتبر في خانة الإيجابي والجيد، ولذلك فإن من المتوقع أن يكون أكثر المستفيدين من هذا النزول المؤسسات والشركات الأجنبية والمحلية التي تهتم بالسوق السعودية، حيث ترى أسعار بعض الأسهم حاليا بمكررات قد تكون غير متوقعة.
فالخلاصة أن سوق الأسهم السعودية تشهد تقلبات قد لا تكون مبررة لجميع الأسهم والقطاعات، وهذا ما يجعل مثل هذه السوق يمكن أن تولد فرصا جيدة للمستثمر، كما أن القلق من تقلبات أسعار النفط ينبغي ألا ينسينا أن الاقتصاد السعودي استطاع تجاوز مجموعة من الأزمات في ظروف أسوأ.
نقلا عن الاقتصادية
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال