الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
اقتصادية سعودية
Ameerah_eco@yahoo.com
لا يزال تباطؤ النمو في الصين يُشِعر صانعي السياسات بالقلق والتوجس تجاه الآفاق المستقبلية للنشاط الاقتصادي وهذا ما دفعهم لإتخاذ تدابير متلاحقة للحّد من هذا التراجع ومحاولة التغلب على تأثير ضعف النمو الخارجي على اقتصادها.
فخلال أقل من شهر اتخذ بنك الشعب الصيني اجراءات نقدية توسعية حيث خفض قيمة الرنمينبي نحو 2% في 11 اغسطس2015م، كما وأعلن الثلاثاء الماضي 25 أغسطس عن تخفيض الفائدة وخفض الإحتياطي القانوني معاً .
ولبنك الشعب الصيني (المركزي الصيني) الحق في التدخل في توجيه سياسته النقدية متى ما شعر أن الوضع الإقتصادي يتطلب ذلك، كما أن القيام بتغيير قيمة العملة أو سعر الفائدة كانت وماتزال عملية متكررة وقد سبق وخفضت الصين من قيمة العملة وسعر الفائدة عدد من المرات ولأهداف محددة .
فالمختلف هذه المرة في عملية الخفض هو طبيعة الظروف الاقتصادية حيث ساعد تراجع النمو العالمي في ابراز بعض الإختلالات الإقتصادية التي تعاني منها الصين منذ وقت طويل كما ساهم ارتفاع درجة الإنفتاح التجاري للصين في انتقال النمو الضعيف إلى اقتصادها عن طريق الشركاء التجاريين.
وفي الحقيقية أن الدور الذي تلعبه الصين في النشاط الاقتصادي يجعل من غير الممكن اعتبار ضعف النمو الصيني أمر عابر للاقتصاد العالمي والاقتصاد السعودي أيضا، ومن المتوقع حسب تقديرات صندوق النقد الدولي أن يصل النمو إلى 6.8 % نهاية العام الجاري وإلى 6.3 في نهاية 2016 في الوقت الذي كانت تنمو فيه الصين بمعدل أكثر من 7% خلال الثلاث سنوات الماضية.
فيما يخص خفض قيمة العملة، كانت أكثر الآراء شيوعا منذ قيام المركزي الصيني بعملية الخفض أن الهدف من هذا الإجراء كان موجها لزيادة الصادرات إلا أن هذه الخطوة ليست ذات أهمية كبيرة في التأثير على الصادرات نظراً لمحدودية نسبة الخفض من جانب ومعاناة الشركاء التجاريين من ضعف النمو من جانب آخر.
والذي يبدو أن الصين تسعى من عملية تخفيض قيمة العملة إلى تحقيق هدفين رئيسين الأول هو رفع النمو الاقتصادي عن طريق اعادة تحفيز مكونات الناتج المحلي بالتركيز على تنشيط الاستهلاك المحلي (الطلب الداخلي) والذي عانى من تراجع واضح خلال السنوات الماضية وهذا بدوره سيعزز زيادة الاستثمارات.
أما الهدف الثاني من الخفض هو اعطاء اشارات للسوق لإمكانية تحرير العملة خلال الفترة القادمة ، فمنذ عام 2005 والصين تعمل تدريجيا على مشروع اصلاح النظام النقدي بهدف تحرير العملة وترك تحديد قيمتها لقوى الطلب والعرض في سوق الصرف الأجنبي، ومازالت الصين حتى الآن في طور العمل على تقوية النظام المالي وتهيئته حتى يكون قادرا على امتصاص أي صدمات محتملة قبل القيام بتعويم العملة لأن الهدف أن يكون اليوان الصيني (الرنمينبي ) مرن ومستقر في نفس الوقت Stable and flexible.
من جانب آخر ليس من المتوقع القيام بعمليات تخفيض أخرى لقيمة العملة فهناك تنامي في حجم القروض المقومة بالدولار للشركات الصينية، وبالتالي فإن المزيد من تخفيض العملة سيؤدي ارتفاع تكاليف سداد هذه القروض مما يخلق مخاطر أكبر للمستثمرين ويلحق الضرر بالنمو في نهاية المطاف .
إن استخدام المركزي الصيني مزيج من الأدوات النقدية يعكس مخاوفه من الإنكماش ورغبته في استعادة الثقة ومعالجة بعض الاختلالات والمشاكل الإقتصادية، ويبقى السؤال إلى أي مدى يمكن أن تكون هذه السياسات النقدية فاعلة؟
السملق
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال