الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
برهن خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله – أثناء زيارته المباركة للولايات المتحدة الأميركية بتوجيهاته السديدة بعد نظرته الثاقبة الرامية الى رسم سياسة اقتصادية جديدة للوطن، عندما وجّه كلاً من وزير التجارة ومحافظ الهيئة العامة للاستثمار بدراسة القوانين التجارية والاستثمارية لتسهيل عمل الشركات العالمية وتقديم الحوافز، بما في ذلك فتح باب الاستثمار المباشر لها في الأسواق المحلية، على أن تلتزم هذه الشركات بتقديم خطط تصنيع وبرامج محددة تساهم في نقل التقنية وتوظيف وتدريب أبناء وبنات الوطن.
لا شك أن هذا التوجيه الكريم الثري بمغزاه والحكيم بغاياته، تخطى بفكر استراتيجي حواجز البيروقراطية في تصحيح الوجود الاستثماري للشركات العالمية في المملكة أو تحفيزها على البدء بالدخول المباشر وبما يتناسب مع المكانة المرموقة التي يتبوَّؤها الوطن عالميا نتيجة متانة مكانته الاقتصادية واستقرار سياساته المالية، ووجود النية الصادقة لحكومة المملكة للعمل على تحسين البيئة الاستثمارية الجاذبة لهذه الشركات العالمية بما يحقق التوازن بين المصالح الوطنية ورغبة هذه الشركات العالمية في الدخول المباشر للأسواق المحلية عند توفر العوامل المحفزة، لقد آتى هذا التوجيه ولامس حقيقة معاناة وتجربة المواطنين غير المرضية والمشتتة فيما بين الوكلاء والموزعين وما نتج عنها من إخفاقات، وبلا شك سيحقق هذا التوجية تطلعات العملاء في الحصول على الخدمات التي تليق بهم عند التعامل المباشر مع المصنعين والمنتجين، فالممارسات الاحتكارية وانعدام المنافسة المشروعة أفرزت نوعا من القصور في التعامل لدى الوسطاء وغمط لحقوق المستهلك، ونتج عنها تفاوت وأسعار تصاعدية وتضليل للمشكلات المصنعية وتجاوز لامتيازات الضمان وتواضع في الخدمات المقدمة ولامبالاة في الالتزام بمحددات الصيانة ومستلزمات ما بعد البيع ونحو ذلك.
العائد على الاقتصاد الوطني جراء هذه الخطوة المباركة ناقشه كثير من المختصين في الأيام الماضية بعمق، لكن يبقى لي بحكم التخصص القانوني القول بأن خطوة فتح الاستثمار الأجنبي المباشر في السوق المحلي أتت في الوقت المناسب لاقتصاد له ثقله على المستوى العالمي وأثبت كفاءته وتماسكه في فترة الأزمات، فسوق المملكة على الخريطة العالمية لا يمكن تجاوزه بل هو مبتغى لكل الشركات العالمية المرموقة لما يشكله من رقم صعب في القوة الشرائية، لكن يبقى علينا كي تحقق هذه الرؤيا الملكية الكريمة أهدافها البدء في تنفيذها وفقاً لهدفها السامي بالعمل على إجراءات مقومات نجاحها وما تطلبه من وجود بيئة تشريعية (تنظيمية) ورقابية وقضائية تتجاوب بمرونة مع المتغيرات، وأن تعطى الأولوية في هذا المشروع الشامل لإصلاح المنظومة التشريعية للأنظمة التي تُعين على تلمُّس الحقيقة، وبلوغها، وتُمكِّن من تحقيق العدالة الناجزة، مرتكزة على سماحة شريعتنا الإسلامية الغرَّاء، وعالمية مبادئها، ومسترشدة بالقواعد العامة في الأنظمة المقارنة والممارسات الناجحة في التجارب الدولية، ومتوائمة مع قيم المتغيرات الحضارية، ومستفيدة من مبادرات «عولمة القوانين»، ووسيلتنا تسريع عجلة سن وإصلاح القوانين المؤثرة كي نتمكن بها من مواكبة المستجدات واللحاق بالركب وتخطي ما فاتنا من كسب، فلدينا من القوانين التي مضى عليها عقود من الزمن دون تعديل وكذلك مشروعات قوانين أشبعت دراسة ونقاشا ومع ذلك لازال يجهل مصيرها.. فتحفيز النمو الاقتصادي بما في ذلك استقطاب الاستثمارات العالمية المباشرة يستلزم التميز ليس في نوعية الخدمات المقدمة من الجهات والأجهزة الحكومية فحسب بقدر ما هو كذلك في مهنية الأداء وحرفية التعامل وسرعة التجاوب والتعاطي مع العقبات والأزمات.. والوسيلة هي الثقة في سلامة القوانين وسلاسة خطابها وديمومة تنفيذها.
نقلا عن الرياض
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال