منذ أن أعلنت دبي أنها ستكون عاصمة للاقتصاد عملت على مجموعة من البرامج والأدوات لتوسيع مفهوم الاقتصاد الإسلامي خصوصا في الجانب التطبيقي، لتجعله إحدى أهم الوسائل التي يمكن أن تعزز من إمكانات دبي في تنويع مصادر الدخل، وأن تجعلها مرجعا ومركزا لكثير من الأنشطة الاقتصادية التي تهتم بشريحة واسعة في العالم يصل تعدادها إلى أكثر من مليار ونصف المليار نسمة من المسلمين، حيث إن هذه الشريحة الواسعة من هذه الفئة لا تجد العناية الكافية باحتياجاتها المتنوعة فيما يتعلق بأنشطة اقتصادية فيها نوع من الخصوصية باعتبار الثقافة والقيم اللتين تشكلان هذه المجتمعات واللتين تستندان إلى التعاليم الإسلامية.
ركزت مبادرة دبي للاقتصاد الإسلامي على مجموعة من البرامج تشمل التمويل الإسلامي، الذي يعتمد على المعايير الشرعية في التمويل، التي تختلف بشكل أو آخر عن النموذج التقليدي للممارسات التمويلية، وصناعة الأغذية والمنتجات الحلال، وهذا قد يأخذ أبعادا متعددة في الصناعة قد تشمل مع الغذاء الألبسة والأواني والأجهزة التي تهتم باحتياجات المجتمعات المسلمة، ومن البرامج السياحة، خصوصا السياحة العائلية، التي غالبا ما تكون محل اهتمام المجتمع المسلم والتي تعتمد وجود نوع من الأنشطة التي تناسب العائلة المحافظة والتي قد تختلف بصورة واضحة عن بعض برامج السياحة الموجودة في كثير من دول العالم، وهذا ما قد يجعل دبي وجهة مميزة للسياح، ومن ذلك أيضا البنية التحتية الرقمية، التي قد تشمل أنشطة رقمية متنوعة من أهمها أن تكون دبي منصة للتجارة الإلكترونية في المنطقة، ومركزا في تصميم البرامج التي تناسب القطاع التجاري وتكون منصة افتراضية لتعزيز التوسع في التبادل التجاري والتسويق ومن البرامج التصاميم والفنون والإبداعات الإسلامية التي لها طابع خاص، وهي أثر للحضارة الإسلامية تطور خلال قرون ولها طابع مميز عما أنتجته الحضارات والثقافات الأخرى كإرث إنساني، ومن تلك البرامج العناية بالمعرفة فيما يتعلق بالاقتصاد الإسلامي بما يعزز من كفاءة الموارد البشرية في هذا المجال والبحوث والدراسات في هذا المجال، وآخر هذه البرامج أن تكون دبي مركزا معتمدا لمعايير الاقتصاد الإسلامي وإصدار الشهادات.
أدوات التمويل الإسلامي يمكن أن يكون لها دور كبير في تعزيز موارد دول المنطقة سواء في الخليج أو دول المنطقة بصورة عامة، وذلك باعتبار أنها قد تزيد من مستوى التبادل التجاري بين الدول الإسلامية، وتعزز من كفاءة المنتجات التي يمكن أن يستفيد منها المجتمع المسلم، وقد يكون لها أثر كبير في زيادة النشاط الاقتصادي للمنطقة بصورة عامة، وتوفير فرص العمل وإثراء الأنشطة الاقتصادية العالمية، فكما نعلم أن تعاليم الشريعة الإسلامية جاءت للتأكيد على الالتزام بالفطرة الإنسانية التي فطر الله الناس عليها، والقواسم المشتركة بين الأديان قد تعزز من انتشار ومشاركة مجتمعات أخرى في تبني هذه البرامج والمنتجات، خصوصا أن كثيرا من المنتجات التي تقدمها العلامات التجارية العالمية لا تلتزم بالضرورة فيها بمعايير ترتبط بثقافة المجتمعات خصوصا المجتمعات المحافظة.
برامج الاقتصاد الإسلامي قد توجد توجها غير ممارس حاليا مع فرص نجاح كبيرة جدا، فتجربة التمويل الإسلامي التي تعتبر التجربة الأكثر اهتماما خلال العقود الماضية والأكثر نضجا في الاقتصاد الإسلامي تمكنت من تحقيق طفرة كبيرة في النمو خصوصا خلال العقد الماضي وصلت إلى قرابة 30 في المائة في بعض الأعوام، والتي يرى بعض المختصين أن حجم أصولها حاليا تجاوز تريليوني دولار، وهذا يدل على أن هناك شغفا كبيرا لدى المجتمعات المسلمة بتطبيق نماذج من الأنشطة الاقتصادية تعتني بثقافة هذه المجتمعات وقيمها. واليوم نجد الاهتمام الكبير بجانب مهم وهو الأطعمة الحلال والإحصائيات تشير إلى أرقام كبيرة يمكن أن يستوعبها هذا القطاع، التي يمكن أن تسهم فيها دول المنطقة بصورة كبيرة سواء في تقديم هذه المنتجات أو بناء شراكات مع علامات تجارية عالمية للاستثمار في هذا المجال في دول المنطقة. كما أن العناية بالألبسة والمنتجات الأخرى التي تهتم بقيم المجتمعات المسلمة قد تحقق نتائج مبهرة في هذا المجال.
فالخلاصة أن أدوات الاقتصاد الإسلامي أصبحت أكثر نضجا مع وجود اهتمام كبير من قبل بعض الدول في المنطقة وزيادة الاهتمام بها قد يحقق عوائد جيدة في ظل سعي دول الخليج والمنطقة إلى التركيز على التنوع في مصادر الدخل بما يمكنها من تقليص مخاطر الاعتماد على سلع محددة قد تشهد تقلبات في أسعارها مثل النفط.
- نقلا عن الاقتصدية