3666 144 055
[email protected]
أستاذ المالية والتأمين الإسلامية المساعد
Aysha_AlSalih@
كثيرا من المدراء والتنفيذيين يأتون من خلفية هندسية ويقودون مؤسساتهم وشركاتهم بنجاح، فمثلا ساتيا ناديلا الرئيس التنفيذي لميكروسوفت مهندس، والمدير التنفيذي لجنرال موتورز وأمازون أيضا من خلفيات هندسية، ومحليا لا تخلوا مؤسسة من تواجد مدراء بخلفية هندسية. وهنا ربما نتساءل عن أسباب تميز المهندسين في الإدارة؟
المهندسين كانوا دائما أكثر من يتم توظيفه في الشركات المدرجة في قائمة فورتشون لأكبر (500) شركة، بل إن (20%) من المدراء التنفيذيين لهذه الشركات يأتون من خلفيات هندسية، والمؤسس لمنتدى الإقتصاد العالمي كلاوس شاوب لديه دكتوراه في الهندسة. وتاريخيا هنري فورد (مؤسس شركة فورد) وهيربيرت هوفر (مؤسس مكانس هوفر) كانوا مهندسين. والمهندسين دائما ما يملكون بالإضافة لتمزيهم في العلوم والرياضيات مهارات شخصية تساعدهم على كسب ثقة مجالس الإدارات، حيث يتميز المهندسين باهتمامهم بالتفاصيل وقدرتهم على حل المشاكل بطريقة مبرمجة، وإدارة المخاطر وقدرتهم على التحليل، وبالرغم من دقتهم وحذرهم إلا أنهم مستعدين لأخذ مخاطر مدروسة، وعند بحثهم عن حل لمشكلة ما فهم دائما ينظرون لجذور المشكلة وليس لظواهرها. يأتي سبب ذلك إلى أن طلاب الهندسة خلال سنوات الدراسة يتم التأكيد عليهم بالبدء بجمع الحقائق قبل محاولة حل المشكلة، ويتم تدريبهم بشكل مكثف على تحليل البيانات والمعلومات وفصل الحقائق عن النتائج، فجميع هذه العوامل تجعلهم أكثر مقدرة على حل المشاكل. وأيضا قدرتهم على تقييم الأمور بواقعية وببساطة وبدون حشو ليس له قيمة، وأخيرا تعليمهم التقني يجعلهم أكثر قدرة على فهم التعقيدات التكنلوجية والتقنية ويعطيهم ذلك ميزة إضافية على أقرانهم.
بالطبع لكل أمر إيجابيات وسلبيات، فحديثنا لا يعني أن المهندسين يتمتعون بكل الصفات اللازمة للنجاح بل هناك بعض السلبيات المرتبطة بالمدير المهندس، ومنها افتقادهم للمرونة فبعض المهندسين لا يؤمنون إلا بوجود طريقة واحدة لحل الأمور، في الجانب الآخر الكثير قد يفتقد لبعض المهارات الضرورية للقيادة كالذكاء العاطفي، وبعض المهارات القيادية المطلوبة، ومهارات إدارة الأفراد والتواصل التي يمكن جبرها بالتدريب أو الشهادات حيث نلحظ أن الكثير يحرص على نيل درجة الماجستير في إدارة الأعمال قبل الإنتقال للعمل في مجال الإدارة.
هناك أربع صفات يتم ربطها مع القائد المتميز وهي: وضوح الأهداف، وموافقة الأنظمة، وإطلاق المواهب، والقدرة على خلق الثقة مع موظفيه. يتميز المهندسين بالصفتين الأولى والثانية وهي جزء لا يتجزأ من تدريبهم وتعليمهم، أما الثالثة والرابعة فرغم وجود الضعف إلا أنه يمكن تعويضه بالتدريب.
السؤال الذي يتبادر للذهن، لماذا يقوم المهندسين بالإنتقال من الهندسة وهي وظيفة تقنية إلى مجال الإدارة! قامت كلية إنسياد ببحث المسببات التي قد تدفع البعض لهذا الإنتقال ويعد أبرزها: البحث عن وظيفة ذات دخل أعلى، ميول شخصية، ساعات العمل المتعبة، الرغبة بوظيفة ذات وجاهة اجتماعية أكبر. لكن هذه ليست كل الحقيقة، فالبعض يدعي أن السبب لإنتقال المهندسين للإدارة هو أنهم غير متميزين في الهندسة وفي مجالهم من الأساس، فالمهندسين المتميزين قادرين على ممارسة التأثير على القرارات الإدارية بطريقة غير مباشرة وليس لهم أي إهتمام بالمناصب الإدارية. لكن في اعتقادي هذا ليس السبب فالعديد من المدراء المهندسين كانوا متميزين في مجالهم قبل الإنتقال للإدارة.
ختاما كيف يمكن الاستفادة من هذه الحقائق؟ أولا تطوير مناهج الإدارة في الجامعات ومحاولة تعويض النقص الذي يقوم المهندسون بجبرة حاليا، فبعض المهارات كالقدرة على جمع البيانات وتحليلها، والإنضباط، والإقدام على المخاطر المدروسة هي مهارات إذا اكتسبها خريجو الإدارة ستجعل منهم مدراء وصناع قرار أفضل. وفي المقابل تحسين تعليم خريجي الهندسة ليتضمن تطوير مهارات الإدارة والتواصل والقيادة لتقليل الإحباط الذي يصاب به الكثير من المهندسين لعدم تقدير أرباب العمل لمجهودهم أو قدراتهم، وذلك سيقلل من خسارتنا لكثير من المهندسين الذي يتخلون عن العمل في مجال تخصصهم الدقيق ويتحولون بالكامل للإدارة في وقت تحتاج فيه المملكة إلى كل مهندس متميز.
عائشة
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734